وقال قتادة: مضت وقائع الله فيمن خلا من الأمم فاحذروا أن يصيبكم مثل ما أصابهم من العذاب، وقال الزجاج: قد مضت سنة الله فيهم بأن سلك الكفر والضلال في قلوبهم.
ثم حكى الله سبحانه إصرارهم على الكفر وتصميمهم على التكذيب والاستهزاء فقال
(ولو فتحنا عليهم) أي على هؤلاء المعاندين لمحمد ﷺ المكذبين له المستهزئين به (باباً من السماء) من أبوابها المعهودة ومكناهم من الصعود إليه (فظلوا فيه) أي في ذلك الباب، يقال ظل فلان يفعل كذا إذا فعله بالنهار.
(يعرجون) يصعدون بآلة أو بغير آلة حتى يشاهدوا ما في السماء من عجائب الملكوت التي لا يجحدها جاحد ولا يعاند عند مشاهدتها معاند، وقيل الضمير في فظلوا للملائكة، أي فظل الملائكة يعرجون في ذلك الباب والكفار يشاهدونهم وينظرون صعودهم من ذلك الباب. قاله ابن عباس.
(لقالوا) أي الكفار لفرط عنادهم وزيادة عتوهم (إنما سكرت أبصارنا) قرئ مشدداً ومخففاً وهم سبعيتان وهو من سكر الشراب أو من السكر وهو سدها عن الإحساس، قاله مجاهد، يقال سكر النهر إذا سده وحبسه عن الجري. وعن قتادة نحوه. قال أبو عمرو بن العلاء: سكرت غشيت وغطت، وبه قال أبو عبيد وأبو عبيدة.
وروي عنه أيضا أنه من سكر الشراب أي غشيهم ما غطى أبصارهم كما غشى السكران ما غطى عقله، وعلى التخفيف بمعنى سحرت، وقيل أصله من السكور يقال سكرت عينه إذا تحيرت وسكنت عن النظر، قال النحاس: وهذه الأقوال متقاربة والتشديد لأجل التكثير والمبالغة، قال ابن عباس قريش تقوله.


الصفحة التالية
Icon