وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)
(والأرض) نصب على اشتغال ولم يقرأ بغيره لأنه أرجح من حيث العطف على جملة فعلية قبلها (مددناها) أي بسطناها وفرشناها على وجه الماء كما في قوله والأرض بعد ذلك دحاها وفي قوله والأرض فرشناها فنعم الماهدون وفيه رد على من زعم أنها كالكرة (وألقينا) أي جعلنا ووضعنا (فيها رواسي) أي جبالاً ثابتة لئلا تتحرك بأهلها جمع راسية كما في المختار، وقد تقدم بيان ذلك في سورة الرعد (وأنبتنا فيها من) تبعيضية وهو الصحيح أو مزيدة عند الكوفيين والأخفش (كل شيء موزون) أي مقدر معلوم فعبر عن ذلك بالوزن لأنه مقدار تعرف به الأشياء، وقيل موزون مقسوم وقيل معدود.
والمقصود من الإنبات الإنشاء والإيجاد، قال ابن زيد: الأشياء توزن، وقيل الضمير راجع إلى الجبال أي أنبتنا في الجبال من كل شيء موزون من الذهب والفضة والنحاس والكحل والرصاص ونحو ذلك، وقيل موزون بميزان الحكمة ومقدر بقدر الحاجة، وقيل الموزون هو المحكوم بحسنه كما يقال كلام موزون أي حسن وخص ما يوزن لانتهاء الكيل إلى الوزن.
(وجعلنا لكم فيها) أي في الأرض (معايش) تعيشون بها من المطاعم والمشارب جمع معيشة وهي ما يعيش به الإنسان مدة حياته في الدنيا، وقيل هي الملابس، وقيل هي التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة، قال الماوردي: وهو الظاهر.


الصفحة التالية
Icon