خلق منها الجان جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، وأخرجه ابن مردويه عنه مرفوعاً.
(و) اذكر (إذ قال ربك للملائكة) بين سبحانه بعد ذكره لخلق الإنسان ما وقع له عند خلقه، وقد تقدم تفسير ذلك في البقرة (إني خالق بشراً) مأخوذ من البشرة وهي ظاهر الجلد (من صلصال) قد تقدم تفسيره قريباً مستوفى وكذا تفسير (من حمأ مسنون
فإذا سويته) أي سويت خلقه وعدلت صورته الإنسانية وخلقته البشرية وأكملت أجزاءه وأتممت خلقه، أو سويت أجزاء بدنه بتعديل لبائعه.
(ونفخت فيه من روحي) النفخ إجراء الريح في تجاويف جسم آخر صالح لإمساكها والامتلاء بها، فمن قال إن الروح جسم لطيف كالهواء فمعناه ظاهر، ومن قال إنه جوهر مجرد غير متحيز ولا حال في متحيز فمعنى النفخ عنده تهيؤ البدن لتعلق النفس الناطقة به، ومن زائدة أو تبعيضية. قال النيسابوري: ولا خلاف في أن الإضافة في روحي للتشريف والتكريم، مثل ناقة الله وبيت الله.
قال القرطبي: والروح جسم لطيف أجرى الله العادة بأن يخلق الحياة في البدن مع ذلك الجسم وحقيقته إضافة خلق إلى خالق، فالروح خلق من خلقه أضافه إلى نفسه تشريفاً وتكريماً، قال ومثله روح منه، وقد تقدم في النساء.
قال أبو السعود: وليس ثمة نفخ ولا منفوخ فيه وإنما هو تمثيل لإفاضة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها فإذا أكملت استعداده وأفضت عليه ما يحبى به من الروح التي هي من أمري.
(فقعوا له ساجدين) الفاء تدل على أن سجودهم واجب عليهم عقب التسوية والنفخ من غير تراخ وهو أمر بالوقوع، من وقع يقع أي أسقطوا وخروا، وفيه دليل على أن المأمور به هو السجود الحقيقي أي وضع الجبهة على الأرض لا مجرد الانحناء كما قال السيوطي، وهذا السجود هو سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة، ولله أن يكرم من يشاء من مخلوقاته كيف يشاء بما يشاء. وقيل كان السجود لله تعالى وكان آدم قبله لهم تشريفاً له، وهذا وإن كان معنى صحيحاً لكن يخالفه


الصفحة التالية
Icon