(قال رب فانظرني) أي أخرني وأمهلني ولا تمتني (إلى يوم يبعثون) أي آدم وذريته طلب أن يبقى حياً إلى هذا اليوم؛ لأنه لما سمع ذلك علم أن الله قد أخر عذابه إلى الدار الآخرة وكأنه طلب أن لا يموت أبداً لأنه إذا أخر موته إلى ذلك اليوم وأمهل إلى يوم البعث الذي هو وقت النفخة الثانية لا يموت بعد ذلك الانقطاع الموت من حين النفخة الأولى فهو يوم لا موت فيه.
وفي البيضاوي أراد بهذا السؤال أن يجد فسحة في الإغواء ونجاة عند الموت إذ لا موت بعد وقت البعث، فأجابه إلى الأول دون الثاني، وقيل أنه لم يطلب أن لا يموت بل طلب أن يؤخر عذابه إلى يوم القيامة ولا يعذب في الدنيا.
(قال فإنك من المنظرين) لما سأل الإنظار أجابه الله سبحانه إلى ما طلبه، وأخبره بأنه من جملة المنظرين ممن أخر آجالهم من مخلوقاته أو من جملة من أخر عقوبتهم بما اقترفوا ولم يكن إجابة الله إياه في الإمهال إكراماً له بل زيادة في بلائه وشقائه وعذابه.
ثم بيَّن سبحانه الغاية التي امهله إليها فقال
(إلى يوم الوقت المعلوم) الذي عينت وهو يوم القيامة فإن يوم الدين، ويوم يبعثون، ويوم الوقت المعلوم، كلها عبارات عن القيامة وسمي معلوماً لأن ذلك لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى فهو معلوم عنده، وقيل أن جميع الخلائق تموت فيه، فهو معلوم بهذا الاعتبار وقيل المراد بالوقت المعلوم هو الوقت القريب من البعث فعند ذلك يموت.
وقال ابن عباس: هو النفخة الأولى يموت فيها إبليس وبين النفختين أربعون سنة، وهي مدة موته.
(قال رب بما أغويتني) الباء للقسم وما مصدرية أي أقسم بإغوائك إياي واختار البيضاوي في الأعراف كونها للسببية، ونقل كونها للقسم بصيغة التمريض لأنه وقع في مكان آخر قال فبعزتك والقصة واحدة إلا أن أحدهما أقسام بصفة ذاته، والثاني إقسام بفعله والفقهاء قالوا الإقسام بصفات الذات صحيح، واختلفوا في القسم بصفات الأفعال ومنهم من فرق بينهما، ولأن جعل الإغواء


الصفحة التالية
Icon