مقسما به غير متعارف، قاله الكرخي.
قلت: وإقسامه هنا بإغواء الله له لا ينافي اقسامه في موضع آخر بعزة الله التي هي سلطانه وقهره لأن الإغواء هو من جملة ما يصدق عليه العزة، وقال أهل العراق الحلف بصفة الذات كالقدرة والعظمة والعزة يمين، والحلف بصفة الفعل كالرحمة والسخط ليس بيمين، قيل والأصح أن الأيمان مبنية على العرف فما تعارف الناس الحلف به يكون يميناً وما لا فلا.
وجواب القسم (لأزينن لهم) أي لذرية آدم وإن لم يجر لهم ذكر للعلم بهم (في الأرض) أي ما داموا في الدنيا والتزيين منه إما بتحسين المعاصي لهم وإيقاعهم فيها أو بشغلهم بزينة الدنيا وحبها عن فعل ما أمرهم الله به فلا يلتفتون إلى غيرها.
(ولأغوينهم أجمعين) أي لأضلنهم عن طريق الهدى وأوقعهم في طريق الغواية وأحملهم عليها بالقاء الوسوسة في قلوبهم، وذلك أن إبليس لما علم أنه يموت على الكفر غير مغفور له حرص على إضلال الخلق بالكفر وإغوائهم، وفي الآية حجة على المعتزلة في خلق الأفعال وحملهم على التسبب عدول عن الظاهر.
(إلا عبادك منهم المخلصين) أي الذين استخلصتهم من العباد أو الذين أخلصوا لك العبادة والطاعة فلم يقصدوا بها غيرك، وإنما استثناهم لأنه علم أن كيده ووسوسته لا تعمل فيهم ولا يقبلون منه وحقيقة الإخلاص فعل الشيء خالصاً لله عن شائبة الغير.
(قال) الله تعالى (هذا صراط عليّ مستقيم) لا عوج فيه والمعنى حق عليّ أن أراعيه وأحفظه وهو أن لا يكون لك على عبادي سلطان، فالكلام على التشبيه عند أهل السنة كما في قوله تعالى (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) إذ لا تجب رعاية الأصلح عندنا، وقيل قال الكسائي هذا على الوعيد والتهديد كقولك لمن تهدده: طريقك عليّ ومصيرك إليّ وكقوله (إن ربك لبالمرصاد) فكان معنى هذا الكلام هذا طريق مرجعه إليّ فأجازي كلا بعمله.


الصفحة التالية
Icon