سبعة على وفق الأعضاء السبعة من العين والإذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل لأنها مصادر السيئات فكانت مواردها الأبواب السبعة.
ولما كانت هي بعينها مصادر الحسنات بشرط النية والنية من أعمال القلب زادت الأعضاء واحداً فجعلت أبواب الجنان ثمانية، انتهى.
أقول: الحكمة في تخصيص هذا العدد لا تنحصر فيما ذكر، بل الأولى تفويضها إلى جاعلها وهو الله سبحانه، إلا أن يرد خبر صحيح عن رسول الله ﷺ فيجب المصير إليه.
وعن عليّ رضي الله عنه قال: أطباق جهنم سبعة بعضها فوق بعض، فيملأ الأول ثم الثاني ثم الثالث حتى تملأ كلها.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي واستغربه عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ " لجهنم سبعة أبواب؛ باب منها لمن سل السيف على أمتي " (١) وأخرج ابن مردويه والخطيب في تاريخه عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ " في الآية جزء أشركوا بالله وجزء شكوا في الله وجزء غفلوا عن الله " وقد وردت في صفة النار وأهوالها أحاديث وآثار كثيرة ليس هذا موضع استقرائها (٢)
_________
(١) الترمذي، كتاب التفسير، سورة ١٥/ ٢ - أحمد بن حنبل ٢٩/ ٩٤.
(٢) وللمفسر كتاب جيد في التخويف من النار نشرته مطبعة الإمام.
(إن المتقين) أي الذين اتقوا الشرك بالله سبحانه كما قاله جمهور الصحابة والتابعين وهو الصحيح، وقيل هم الذين اتقوا جميع المعاصي، وبه قال الجبائي وجمهور المعتزلة والأول أولى، وأجمعت الأمة على أن التقوى عن الكفر شرط في حصول الحكم بدخول الجنة، وليس من شرط صدق الوصف بكونه متقياً أن يكون آتياً بجميع أنواع التقوى لأن الآتي بفرد واحد من أفراد التقوى يكون آتياً بالتقوى كما أن الضارب هو الآتي بالضرب ولو مرة واحدة والقاتل هو الآتي بالقتل ولو مرة واحدة وكل فرد من أفراد الماهية يجب أن يكون مشتملاً على تلك الماهية، وبهذا التحقيق استدلوا على أن الأمر لا يفيد التكرار.


الصفحة التالية
Icon