مرغباً في العبادة الموجبة للفوز بدرجات السعداء، ومحذراً عن المعصية الموجبة لاستحقاق دركات الأشقياء وذكر هنا أربع قصص: قصة إبراهيم ثم قصة لوط ثم قصة شعيب ثم قصة صالح، وسيأتي تفصيلها. وافتتح من ذلك بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال:
(ونبئهم عن ضيف إبراهيم) أي أخبرهم بما جرى على إبراهيم من الأمر الذي اجتمع فيه له الرجاء والخوف والتبشير الذي خالطه نوع من الوجل ليعتبروا بذلك ويعلموا أنها سنة الله في عباده؛ وأيضاً لما اشتملت القصة على إنجاء المؤمنين وإهلاك الظالمين كان في ذلك تقرير لكونه الغفور الرحيم، وأن عذابه هو العذاب الأليم.
وأصل الضيف الميل، يقال أضفت إلى كذا إذا ملت إليه، والضيف من مال إليك نزولاً بك، وصارت الضيافة متعارفة في القرى، وهو في الأصل مصدر ولذلك وحد، وإن كانوا جماعة ملائكة اثني عشر أو عشرة أو ثلاثة منهم جبريل على صورة غلمان حسان أرسلهم الله إليه ليبشروه بالولد ويهلكوا قوم لوط عليه السلام، وقد مر تفسير القصة مفصلاً في سورة هود عليه السلام، وسمي الضيف ضيفاً لإضافته إلى المضيف، وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان
(إذ دخلوا) أي أذكر لهم وقت دخولهم (عليه فقالوا سلاماً) أي هذا اللفظ قالوه تحية لإبراهيم.
وفي الشهاب يجوز أن يكون سلاماً منصوباً بفعل مقدر أي سلمنا أو نسلم سلاماً، ويجوز نصبه بقالوا، ولم تذكر هنا تحية إبراهيم لهم، وقد ذكرت في سورة هود فالقصة هنا مختصرة.
(قال إنا منكم وجلون) أي خائفون فزعون، وإنما قال هذا بعد أن قرب إليهم العجل فرآهم لا يأكلون منه كما تقدم في سورة هود، فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة. وقيل أنكر السلام منهم لأنه لم يكن في بلادهم، وقيل أنكر دخولهم عليه بغير استئذان.


الصفحة التالية
Icon