وإنما قال الله سبحانه (المرسلين) ولم يرسل إليهم إلا صالحاً لأن من كذب واحداً من الرسل فقد كذب الباقين لكونهم متفقين في الدعوة إلى الله، وقيل كذبوا صالحاً ومن تقدمه من الأنبياء، وقيل كذبوا صالحاً ومن معه من المؤمنين.
(وآتيناهم آياتنا) المنزلة على نبيهم ومن جملتها الناقة فإن فيها آيات جمة كخروجها من الصخرة ودنوّ نتاجها عند خروجها وعظمها وكثرة لبنها وإنما إضاف الآيات إليهم وإن كانت لصالح لأنه مرسل إليهم بهذه الآيات (فكانوا عنها) أي عن الآيات (معرضين) أي غير معتبرين بها ولا ملتفتين إليها بل تاركين لها، ولهذا عقروا الناقة وخالفوا ما أمرهم به نبيهم، قال الكرخي: وذلك يدل على أن النظر والاستدلال واجب وأن التقليد مذموم.
(وكانوا ينحتون) النحت في كلام العرب البري والنجر، نحته ينحته بالكسر نحتاً أي براه وفي التنزيل أتعبدون ما تنحتون أي تنجرون وكانوا يتخذون لأنفسهم (من الجبال بيوتاً) بضم الباء وكسرها سبعيتان أي يخرقونها في الجبال (آمنين) أي حال كونهم آمنين من الخراب ونقب اللصوص لها لشدة إحكامها أو من أن يقع عليهم الجبل أو السقف، قاله الفراء، وقيل آمنين من الموت وقيل من العذاب ركوناً منهم على قوتها ووثاقتها.
وقال بعضهم المراد أنهم يتخذون بيوتاً في الجبال بنقرها وقطع الصخر منها بالمعاويل حتى تصير مساكن من غير بنيان.
(فأخذتهم الصيحة) أي العذاب وهو الرجفة أو الزلزلة الشديدة من الأرض (مصبحين) أي داخلين في وقت الصبح، وقد تقدم ذكر الصيحة في الأعراف وفي هود وتقدم أيضاً قريباً.


الصفحة التالية
Icon