لفسادهم وإرشاداً لمن بقي إلى الصلاح، وقيل المراد بالحق مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته كما في قوله سبحانه (ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) وقيل المراد بالحق الزوال لأنها مخلوقة وكل مخلوق زائل.
(وإن الساعة لآتية) وعند إتيانها ينتقم الله ممن يستحق العذاب، ويحسن إلى من يستحق الإحسان، وفيه وعيد للعصاة وتهديد، ثم أمر الله سبحانه رسوله ﷺ بأن يصفح عن قومه فقال (فاصفح الصفح الجميل) أي تجاوز عنهم واعف عفواً حسناً، وقيل فأعرض عنهم إعراضاً جميلاً ولا تعجل عليهم بالانتقام وعاملهم معاملة الصفوح الحليم.
قال عليّ: الصفح الجميل الرضا بغير عتاب؛ وعن ابن عباس مثله وعن مجاهد قال: هذه الآية قبل القتال: وعن عكرمة مثله، يعني هذا منسوخ بآية السيف وفيه بعد، لأن الله أمر نبيه أن يظهر الخلق الحسن وأن يعاملهم بالعفو والصفح الخالي من الجزع والخوف والأمر بالصفح الجميل لا ينافي قتالهم.
(إن ربك هو الخلاق) أي الخالق للخلق جميعاً (العليم) بأحوالهم وبالصالح والطالح منهم.
(ولقد آتيناك سبعاً من المثاني) من للتبعيض أو للبيان على اختلاف الأقوال في المراد، ذكر معنى ذلك الزجاج فقال: هي للتبعيض إذا أردت بالسبع الفاتحة أو الطوال، وللبيان إذا أردت الاسباع؛ واختلف أهل العلم فيها ماذا هي، فقال جمهور المفسرين أنها الفاتحة.
قال الواحدي: وأكثر المفسرين على أنها فاتحة الكتاب، وهو قول عمر وعلي وابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة والربيع والكلبي، وزاد القرطبي أبا هريرة وأبا العالية، وزاد النيسابوري الضحاك. وسعيد بن جبير، وقد روي ذلك من قول رسول الله ﷺ كما سيأتي بيانه فتعين المصير إليه.


الصفحة التالية
Icon