الموت كما كنا قبله؛ ولم يعلموا أن القادر على إنشاء الخلق وما تقدم على غير مثال قادر على إعادتهم.
ثم لما حكى الله سبحانه ذلك عنهم حكم عليهم بأمور ثلاثة:
الأول: (أولئك الذين كفروا بربهم) أي أولئك المنكرون لقدرته سبحانه على البعث هم المتمادون في الكفر الكاملون فيه، وفيه دليل على كفر منكري البعث.
(و) الثاني (أولئك الأغلال في أعناقهم) الأغلال جمع غل بالضم وهو طوق من حديد يجعل في العنق أو تشد به اليد إلى العنق، أي يغلون بها يوم القيامة كما يقاد الأسير ذليلاً بالغل، وقيل الأغلال أعمالهم السيئة التي هي لازمة لهم لزوم الأطواق للأعناق (و) الثالث (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) لا ينفكون عنها بحال من الأحوال، وفي توسيط ضمير الفصل دلالة على تخصيص الخلود بمنكري البعث.
(ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) نزل في استعجالهم العذاب استهزاء والسيئة العقوبة المهلكة، والحسنة العافية والسلامة، قالوا هذه المقالة لفرط إنكارهم وشدة تصميمهم.
(وقد خلت من قبلهم المثلات) جمع مثلة كسمرة وهي العقوبة الفاضحة، سميت بذلك لما بين العقاب والمعاقب عليه وهو الذنب من المماثلة في أن كُلاًّ منهما مذموم.
قال ابن الأنباري: المثلة العقوبة التي تبقى في المعاقب شيئاً بتغيير بعض خلقه من قولهم مثل فلان بفلان إذا شأن خلقه بقطع أنفه وسمل عينيه وبقر بطنه، وقرئ بفتح الميم وإسكان الثاء تخفيفاً لثقل الضمة، قيل وهي لغة الحجاز، وفي لغة تميم بضم الميم والثاء جميعاً، واحدتها على لغتهم مثلة، مثل غرفة وغرفات، وقرئ بفتحهما.