الروح، ثم تلا (يوم يقوم الروح والملائكة صفاً). ومن في (من أمره) بيانية أي ناشئاً ومبتدئاً من أمره أو صفة للروح أو متعلق بينزل (على من يشاء من عباده) يعني من يصطفيه للنبوة والرسالة وتبليغ الوحي إلى الخلق وهم الأنبياء؛ ووجه اتصال هذه الجملة بما قبلها أنه ﷺ لما أخبرهم عن الله أنه قد قرب أمره ونهاهم عن الاستعجال ترددوا في الطريق التي علم بها رسول الله ﷺ بذلك، فأخبر أنه علم بها
بالوحي على ألسن رسل الله سبحانه من ملائكته.
(أن أنذروا) قال الزجاج أي ينزلهم بأن أنذروا أو المعنى بأن الشأن أقول لكم أنذروا أي أعلموا الناس. وعبارة البيضاوي وأن مفسرة لأن الروح بمعنى الوحي الدال على القول أو مصدرية في موضع الجر بدلاً من الروح، أو النصب بنزع الخافض أو مخففة من الثقيلة.
(أنه لا إله إلا أنا) أي مروهم بتوحيدي واعلموهم ذلك مع تخويفهم لأن في الإنذار تخويفاً وتهديداً والضمير في أنه للشأن (فاتقون) رجوع إلى مخاطبتهم بما هو المقصود، والخطاب للمستعجلين على طريق الالتفات وهو تحذير لهم من الشرك بالله والفاء فصيحة.
وفي الشهاب إذا كان الإنذار بمعنى التخويف فالظاهر دخول فاتقون في المنذر به لأنه هو المنذر به في الحقيقة؛ وإذا كان بمعنى الإعلام فالمقصود بالإعلام هو الجملة الأولى، وهذا متفرع عليها انتهى. وفيه تنبيه على الأحكام الفرعية بعد التنبيه على الأحكام العلمية بقوله أنه لا إله إلا الله، فقد جمعت هذه الآية بين الأحكام الأصلية والفرعية.
ثم إنه سبحانه لما أرشدهم إلى توحيده ذكر دلائل التوحيد فقال
(خلق السماوات والأرض) أي أوجدهما على هذه الصفة التي هما عليها (بالحق) أي للدلالة على قدرته ووحدانيته، وقيل المراد بالحق هنا الفناء والزوال (تعالى) الله (عما يشركون) أي تقدس وترفع عن إشراكهم أو عن شريكه الذي يجعلونه شريكاً له، وقيل عما يشركونه من الأصنام أو منهما أي السماوات