على أن الحديث موضوع ثم قال في آخره فذلك قوله ويخلق ما لا تعلمون ".
(وعلى الله قصد السبيل) القصد مصدر بمعنى الفاعل فالمعنى وعلى الله هداية قاصد الطريق المستقيم بموجب وعْدِه المحتوم وتفضله الواسع، وقيل هو على حذف مضاف، والتقدير وعلى الله بيان قصد السبيل، والسبيل الإسلام وبيانه بإرسال الرسل وإنزال الكتب وإقامة الحجج والبراهين، والقصد في السبيل هو كونه موصلاً إلى المطلوب فالمعنى وعلى الله بيان الطرق الموصلة إلى المطلوب.
(ومنها) الضمير راجع إلى السبيل بمعنى الطريق لأنها تذكر وتؤنث أو لأنها في معنى سبل فأنِّث على معنى الجمع؛ وقيل راجع إليها بتقدير مضاف أي ومن جنس السبيل (جائر) مائل عن الحق والجور العدول عن الاستقامة، وقيل أن الطريق كناية عن صاحبها، والمعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق أي عادل عنه فلا يهتدي إليه، قيل وهم أهل الأهواء المختلفة، وقيل أهل الملل الكفرية. فقصد السبيل هو دين الإسلام والجائر منها دين اليهودية والنصرانية وسائر ملل الكفر.
وقيل قصد السبيل السنة المطهرة والجائر البدع المحدثة المضلة. قال ابن عباس: على الله أن يبين الهدى والضلالة ومنها جائر، قال السبل المتفرقة، وقال قتادة: وعلى الله بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته ومنها جائر، قال من السبل ناكب عن الحق. وعن عليّ كان يقرأ ومنكم جائر.
(ولو شاء لهداكم أجمعين) أي ولو شاء أن يهديكم جميعاً هداية موصلة إلى الطريق الواضح الصحيح والمنهج الحق الصريح لفعل ذلك ولكنه لم يشأ بل اقتضت مشيئته سبحانه إراءة الطريق والدلالة عليها كما قال وهديناه النجدين، وأما الإيصال إليها بالفعل فذلك يستلزم أن لا يوجد في العباد كافر، ولا من يستحق النار من المسلمين وقد اقتضت المشيئة الربانية بكون البعض مؤمناً والبعض كافراً كما نطق بذلك القرآن في غير موضع.