خلق الله النجوم لثلاثة أشياء. لتكون زينة للسماء ومعالم الطرق ورجوماً للشياطين، فمن قال غير هذا فقد تكلف ما لا علم له به.
ثم لما عدد الآيات الدالة على الصانع ووحدانيته وكمال قدرته أراد أن يوبخ أهل الشرك والعناد فقال
(أفمن يخلق) هذه المخلوقات العجيبة العظيمة والمصنوعات الغريبة الجليلة ويفعل هذه الأفاعيل العجيبة المرئية بالعيان (كمن لا يخلق) شيئاً منها ولا يقدر على إيجاد واحد منها، وهي هذه الأصنام التي يعبدونها ويجعلونها شركاء لله سبحانه.
وأطلق عليها لفظ (من) إجراء لها مجرى أولي العلم جرياً على زعمهم بأنها آلهة أو مشاكلة لقوله (أفمن يخلق) لوقوعها في صحبته أو هو من عكس التشبيه. وفي هذا الاستفهام من التقريع والتوبيخ للكفار ما لا يخفى، وما أحقهم بذلك فإنهم جعلوا بعض المخلوقات شريكاً لخالقه، تعالى الله عما يشركون.
(أفلا تذكرون) مخلوقات الله الدالة على وجوده وتفرده بالربوبية وبديع صنعته فتستدلون بها على ذلك، فإنها لوضوحها يكفي في الاستدلال بها مجرد التذكر لها لا يحتاج إلى دقيق الفكر والنظر، قال قتادة في الآية: الله هو الخالق الرازق، وهذه الأوثان التي تعبد من دون الله تخلق ولا تخلق شيئاً، ولا تملك لأهلها ضراً ولا نفعاً.
ثم لما فرغ من تعديد الآيات التي هي بالنسبة إلى المكلفين نعم قال
(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ولو اجتهدتم في ذلك وأتعبتم نفوسكم لا تقدرون عليه فضلاً عن أن تطيقوا القيام بحقها من أداء الشكر وهذا تذكير إجمالي بنعمه تعالى، وقد مر تفسير هذا في سورة إبراهيم.
قال العقلاء: إن كل جزء من أجزاء الإنسان لو ظهر فيه أدنى خلل


الصفحة التالية
Icon