المسلمون. فأجاب المشركون المنكرون المستكبرون (قالوا أساطير الأولين) بالرفع أي ما تدعون أيها المسلمون أساطير الأوائل وأحاديثهم وأباطيلهم، أو أن المشركين أرادوا السخرية بالمسلمين فقالوا المنزل عليكم أساطيرهم، وعلى هذا فلا يرد ما قيل من أن هذا لا يصلح أن يكون جواباً من المشركين وإلا لكان المعنى الذي أنزله ربنا أساطير الأولين والكفار لا يقرون بالإنزال، ووجه عدم وروده هو ما ذكرناه.
وقيل هو كلام مستأنف أي ليس ما تدعون إنزاله أيها المسلمون منزلاً بل هو أساطير الأولين، والأساطير الأباطيل والترهات التي يتحدث الناس بها عن القرون الأولى وليس من كلام الله في شيء ولا مما أنزله أصلاً في زعمهم، وهي جمع أسطورة كأحاديث وأضاحيك وأعاجيب جمع أحدوثة وأضحوكة وأعجوبة.
(ليحملوا) أي قالوا هذه المقالة لكي يحملوا (أوزارهم كاملة يوم القيامة) لم يكفر منها شيء لعدم إسلامهم الذي هو سبب لتكفير الذنوب، وقيل أن اللام هي لام العاقبة لأنهم لم يصفوا القرآن بكونه أساطير لأجل أن يحملوا الأوزار ولكن لما كان عاقبتهم ذلك حسن التعلل به كقوله ليكون لهم عدواً وحزناً، وقيل هي لام الأمر.
قال الرازي في الآية: وهذا يدل على أنه تعالى قد يسقط بعض العقاب عن المؤمنين إذ لو كان هذا المعنى حاصلاً في حق الكل لم يكن لتخصيص هؤلاء الكفار بهذا التكميل فائدة. (ومن أوزار الذين يضلونهم) أي ويحملون بعض أوزار الذين أضلوهم لأن " من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها " (١) كما ورد في
_________
(١) مسلم ١٠١٧.


الصفحة التالية
Icon