يملكه وإن لم يكن وقع عليه فجاء بقوله (من فوقهم) ليخرج هذا الشك الذي في كلام العرب فقال من فوقهم أي عليهم وقع وكانوا تحته فهلكوا وما افلتوا وقيل هو للتأكيد لأن السقف لا يخر إلا من فوق، وقيل أن المراد بالسقف السماء أي أتاهم العذاب من السماء التي فوقهم.
وقد اختلف في هؤلاء الذين خرَّ عليهم السقف فقيل هو نمروذ بن كنعان حين بنى الصرح، قاله ابن عباس، وعن مجاهد نحوه، وقيل أنه بختنصر وأصحابه، وقيل هم المقتسمون الذين تقدم ذكرهم في سورة الحجر.
وقيل المعنى على العموم يعني أنهم لما رتبوا منصوبات ليمكروا بها على أنبياء الله وأهل الحق من عباده أهلكهم الله وجعل هلاكهم مثل هلاك قوم بنوا بنياناً وثيقاً شديداً ودعموه بالأساطين فانهدم ذلك البنيان وسقط عليهم فأهلكهم، فهو مثل ضربه لمن مكر بآخر فأهلكه الله بمكره ومنه المثل السائر على ألسنة الناس من حفر بئراً لأخيه أوقعه الله فيه، وهذا ما اختاره القاضي كالكشاف، والأول أولى، ومع ذلك العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال قتادة: أتاها أمر الله من أصلها فخرَّ عليهم السقف من فوقهم والسقف أعالي البيوت فائتفكت بهم بيوتهم فأهلكهم الله ودمرهم.
(وأتاهم العذاب) أي الهلاك (من حيث لا يشعرون) به بل من حيث أنهم في أمان لا يخطر العذاب ببالهم.


الصفحة التالية
Icon