المتكبرين) هي فالمخصوص بالذم محذوف، والمراد بتكبرهم هنا هو تكبرهم عن الإيمان والعبادة كما في قوله: إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون.
ثم اتبع أوصاف الأشقياء بأوصاف السعداء فقال
(وقيل للذين اتقوا) وهم المؤمنون (ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً) أي أنزل خيراً، ورفع الأول ونصب هذا فرقاً بين جواب المقر وجواب الجاحد (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) قيل هذا من كلام الله عز وجل، وقيل هو حكاية لكلام الذين اتقوا فيكون هذا بدلاً من خير. قاله الزمخشري. وعلى الأول يكون كلاماً مستأنفاً مسوقاً لمدح المتقين.
والمعنى للذين أحسنوا أعمالهم بالإيمان في الدنيا مثوبة حسنة مضاعفة من الواحد إلى العشرة إلى السبعمائة إلى أضعاف كثيرة. وقال قتادة: أحسنوا أي آمنوا بالله وكتبه ورسله، وأمروا بطاعة الله وحثوا عباد الله على الخير ودعوهم إليه.
قال الضحاك: هي النصر والفتح، وقال مجاهد: هي الرزق الحسن. وقيل الحياة الطيبة وهي استحقاق المدح والثناء أو فتح أبواب المشاهدات والمكاشفات. قاله الكرخي.
(ولدار الآخرة) أي مثوبتها وهي الجنة (خير) مما أوتوا في الدنيا (ولنعم دار المتقين) دار الآخرة فحذف المخصوص بالمدح لدلالة ما قبله عليه
(جنات عدن) أي بساتين إقامة من عدن بالمكان إذا أقام به. قيل يجوز أن يكون هو المخصوص بالمدح فيجيء فيها ثلاثة أوجه: رفعها بالابتداء والجملة المتقدمة خبرها، أو رفعها خبراً لمبتدأ مضمر أو رفعها بالابتداء والخبر محذوف وهو أضعفها، ويجوز أن يكون جنات عدن خبر مبتدأ مضمر لا على ما تقدم بل يكون المخصوص محذوفاً تقديره ولنعم دارهم هي جنات، وقدره الزمخشري ولنعم دار المتقين دار الآخرة ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر الجملة من قوله يدخلونها، ويجوز أن يكون الخبر مضمراً تقديره لهم جنات دل عليه قوله للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. قاله السمين.


الصفحة التالية
Icon