الظاهر فإنهم كانوا يعترفون بذلك ولا يكتمونه، وقيل المعنى فاسألوا أهل القرآن.
عن سعيد بن جبير قال: نزلت في عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة، وقد استدل مجوز والتقليد بهذه الآية وقالوا أمر سبحانه من لا علم له أن يسأل من له علم والجواب أن هذه الآية الشريفة واردة في سؤال خاص خارج عن محل النزاع كما يفيده السياق المذكور قبل هذا اللفظ الذي استدلوا به وبعده، وبه قال ابن جرير والبغوي وأكثر المفسرين، واستوفاه السيوطي في الدر المنثور، وهذا هو المعنى الذي يفيده السياق والسباق.
وعلى فرض أن المراد السؤال العام فالمأمور بسؤالهم هم أهل الذكر، والذكر هو كتاب الله وسنة رسوله لا غيرهما، ولا أظن مخالفاً يخالف في هذا لأن هذه الشريعة المطهرة هي إما من الله عز وجل وذلك هو القرآن الكريم أو من رسوله ﷺ وذلك هو السنة المطهرة ولا ثالث لذلك.
وإذا كان المأمور بسؤالهم هم أهل القرآن والحديث فالآية الكريمة حجة على المقلدة لا لهم، لأن المراد أنهم يسألون أهل الذكر فيخبرونهم به، فالجواب من المسؤولين أن يقولوا قال الله كذا وقال رسوله ﷺ كذا فيعمل السائلون بذلك، وهذا هو غير ما يريده المقلد المستدل بها فإنه إنما استدل بها على جواز ما هو فيه من الأخذ بأقوال الرجال من دون سؤال عن الدليل فإن هذا هو التقليد ولهذا رسموه بأنه قبول قول الغير من دون مطالبة بحجه.
فحاصل التقليد أن المقلد لا يسأل عن كتاب الله ولا عن سنة رسوله ﷺ بل يسأل عن مذهب إمامه فقط فإذا جاوز ذلك إلى السؤال عن الكتاب والسنة فليس بمقلد، وهذا يسلمه كل مقلد ولا ينكره.