ما في السماوات وما في الأرض والملائكة وهم جميعاً لا يستكبرون عن السجود.
(يخافون) أي حال كونهم خائفين (ربهم من فوقهم) أو جملة مستأنفة لبيان نفي استكبارهم ومن آثار الخوف عدم الاستكبار أي يخافون عذاب ربهم كائناً من فوقهم أو يخافون ربهم حال كونه من فوقهم عالياً عليهم علو الرتبة والمكانة والقدرة بائناً عنهم بالاستواء على العرش، وقيل معناه يخافون الملائكة فيكون على حذف المضاف أي يخافون ملائكة ربهم كائنين من فوقهم وهو تكلف لا حاجة إليه.
وإنما اقتضى مثل هذه التأويلات البعيدة المحاماة على مذاهب قد رسخت في الأذهان وتقررت في القلوب قيل وهذه المخافة هي مخافة الإجلال واختاره الزجاج فقال: يخافون ربهم خوف مجلين ويدل على صحة هذا المعنى قوله وهو القاهر فوق عباده وقوله إخباراً عن فرعون وإنا فوقهم قاهرون.
(ويفعلون ما يؤمرون) به من طاعة الله يعني الملائكة أو جميع من تقدم ذكره وحمل هذه الجملة على الملائكة أولى لأن في مخلوقات الله من يستكبر عن عبادته ولا يخافه ولا يفعل ما يؤمر به كالكفار والعصاة الذين لا يتصفون بهذه الصفات وإبليس وجنوده، وهذه السجدة من عزائم سجود القرآن فيسن للقارئ والمستمع أن يسجد عند قراءتها وسماعها.
ولما بيَّن سبحانه أن مخلوقاته السماوية والأرضيّة منقادة له خاضعة لجلاله أتبع ذلك بالنهي عن الشرك بقوله
(وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد) فنهى سبحانه عن اتخاذ إلهين ثم أثبت أن الإلهية منحصرة في إله واحد وهو الله سبحانه وقد قيل أن التثنية في الإلهين قد دلت على الاثنينية والإفراد في إله قد دل على الوحدة فما وجه وصف إلهين باثنين ووصف إله بواحد فقيل في


الصفحة التالية
Icon