الجواب أن في الكلام تقديماً وتأخيراً والتقدير لا تتخذوا اثنين إلهين وفيه عد.
وقال أبو البقاء: هو مفعول ثان وهذا كالغلط إذ لا معنى لذلك البتة، وقيل أن التكرير لأجل المبالغة في التنفير عن اتخاذ الشريك، وقيل أنه تأكيد لإلهين وعليه أكثر الناس، وكلام الزمخشري هنا يفهم منه إنه ليس بتأكيد، وقيل أن فائدة زيادة اثنين هي أن يعلم أن النهي راجع إلى التعدد لا إلى الجنسية وفائدة زيادة واحد دفع توهم أن المراد إثبات الإلهية دون الواحدية مع أن الإلهية له سبحانه مسلمة في نفسها وإنما خلاف المشركين في الواحدية.
ثم نقل الكلام سبحانه من الغيبة إلى التكلم على طريقة الالتفات لزيادة الترهيب فقال: (فإياي فارهبون) أي إن كنتم راهبين شيئاً فإياي فارهبون لا غيري فالتركيب أفاد الحصر، وقيل التقدير إياي ارهبوا فارهبون وقدره ابن عطية: ارهبوا إياي فارهبون.
قال الشيخ: وهو ذهول عن القاعدة النحوية وقد يجاب عنه والرهب مخافة مع حزن واضطراب وقد مر هذا في أول البقرة.
ثم لما قرر سبحانه وحدانيته وأنه الذي يجب أن يخص بالرهبة منه والرغبة إليه ذكر أن الكل في ملكه وتحت تصرفه فقال
(وله ما في السماوات والأرض) ملكاً وخلقاً وعبيداً والجملة مقررة لما تقدم في قوله ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض إلخ.. وتقديم الخبر لإفادة الاختصاص والتفت فيه من التكلم إلى الغيبة والجملة معطوفة على قوله إنما هو إله واحد أو على الخبر أو مستأنف.
(وله الدين واصباً) أي ثابتاً واجباً دائما لا يزول والدين هو الطاعة والإخلاص، قال الفراء: واصباً معناه دائماً. وروي عنه أيضاً الواصب الخالص والأول أولى ومنه قوله سبحانه ولهم عذاب واصب أي دائم.


الصفحة التالية
Icon