وقال الزجاج: أي طاعته واجبة أبداً ففسر الواصب بالواجب، وقال ابن قتيبة في تفسير الواصب: أي ليس أحد يطاع إلا انقطع ذلك بزوال أو بهلكة غير الله تعالى فإن الطاعة تدوم له ففسر الواصب بالدائم وإذا دام الشيء دواماً لا ينقطع فقد وجب وثبت، يقال وصب الشيء يصب وصوباً فهو واصب إذا دام ووصب الرجل على الأمر إذا واظب عليه.
وقيل الوصب التعب والإعياء أي حب طاعة الله سبحانه وإن تعب العبد فيها وهو غير مناسب لما في الآية، قال مجاهد الدين الإخلاص وواصباً دائماً، وقال أبو صالح: يعني لا إله إلا الله.
وعن ابن عباس: دائماً واجباً، وفي البيضاوي: واصباً لازماً، وقال الشهاب: الوصب ورد في كلامهم بمعنى اللزوم والدوام، وفي القاموس وصب يصب دام وثبت كأوصب وعلى الأمر واظب وأحسن القيام عليه، وفي المصباح وصب الشيء وصوباً دام ووصب الدين وجب.
والاستفهام في قوله (أفغير الله تتقون) للتقريع والتوبيخ أو للتعجب والإنكار والفاء للتعقيب، والمعنى إذا كان الدين أي الطاعة واجباً له دائماً لا ينقطع كان المناسب لذلك تخصيص التقوى به وعدم إيقاعها لغيره فكيف يعقل أن يكون للإنسان رغبة أو رهبة في غير الله.
ثم امتن سبحانه عليهم بأن جميع ما هم متقلبون فيه من النعم هو منه لا من غيره فقال:
(وما بكم من نعمة فمن الله) أي ما يلابسكم من النعم على اختلاف أنواعها فهي منة سبحانه، والنعمة إما دينية وهي معرفة الحق لذاته ومعرفة الخير لأجل العمل به وإما دنيوية نفسانية أو بدنية أو خارجية كالسعادات المالية وغيرها، وكل واحدة من هذه جنس تحته أنواع لا حصر لها والكل من الله سبحانه فعلى العاقل أن لا يشكر إلا إياه، وما موصولة متضمنة


الصفحة التالية
Icon