مسوداً) أي متغيراً، وليس المراد السواد الذي هو ضد البياض، بل المراد به الكناية عن الانكسار والتغير بما يحصل من الغم والحزم والغيظ والكراهة، والعرب تقول لكل من لقي مكروهاً قد اسود وجهه غماً وحزناً. قاله الزجاج.
وقال الماوردي: بل المراد سواد اللون حقيقة، قال وهو قول الجمهور والأول أولى، فإن المعلوم بالوجدان أن من غضب وحزن واغتم لا يحصل في لونه إلا مجرد التغير وظهور الكآبة والانكسار لا السواد الحقيقي.
(وهو كظيم) أي ممتلئ من الغم غيظاً وحنقاً، يقال كظمت الغيظ كظماً وكظوماً ما أمسكت على ما في نفسك منه على صفح أو غيظ، وربما قيل كظمت على الغيظ وكظمني الغيظ فأنا كظيم ومكظوم، وكظم البعير كظوماً لم يجتر، قال الأخفش: هو الذي يكظم غيظه ولا يظهره، وقيل أنه المغموم الذي يطبق فاه من الغم، مأخوذ من الكظامة وهو سد فم البئر. قاله علي بن عيسى، وقد تقدم في سورة يوسف.
(يتوارى) أي يتغيب ويختفي (من القوم من سوء ما بشر به) أي من سوء الحزن والعار والحياء الذي يلحقه بسبب حدوث البنت له، تعلق هنا جارّان بلفظ واحد لاختلاف معناهما، فإن الأولى للابتداء والثانية للعلة، أي من أجل سوء وسوؤها من حيث كونها يخاف عليها الزنا، ومن حيث كونها لا تكتسب ومن حيث غير ذلك.
(أيمسكه على هون) قال اليزيدي: الهون الهوان بلغة قريش، وكذا حكى عن الكسائي، وحكى عنه أيضاً أنه البلاء والمشقة. وقال الفراء: الهون القليل بلغة تميم. وعن الأعمش: أنه قرأ أيمسكه على سوء (أم يدسه في التراب) أي يخفيه فيه بالوأد كما كانت تفعله العرب، والدس إخفاء الشيء في الشيء فلا يزال الذي بشر بحدوث الأنثى متردداً بين هذين الأمرين،