مضاف أي فهو ولي أمثال أولئك الأمم اليوم ومن كان الشيطان وليه وناصره فهو مخذول مغلوب مقهور وإنما سماه ولياً لهم لطاعتهم إياه (ولهم عذاب أليم) في الآخرة وهو عذاب النار.
ثم ذكر سبحانه أنه ما هلك من هلك إلا بعد إقامة الحجة عليهم وإزاحة العلة منهم فقال:
(وما أنزلنا عليك الكتاب) هذا خطاب لرسول الله ﷺ والمراد بالكتاب القرآن والاستثناء في (إلا) مفرغ من أعم الأحوال أي ما أنزلنا عليك لحال من الأحوال ولا لعلة من العلل (إلا لتبين لهم) أي للناس وإنما جر هذا باللام لاختلاف فاعله مع فاعل الفعل فإن المنزل هو الله والمبين هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما نصب اللذان بعده لاتحاد فاعلهما مع فاعل الفعل لأن الهادي والراحم هو الله كما أنه المنزل (الذي اختلفوا فيه) من التوحيد والشرك والجبر والقدر وأحوال البعث وإثبات المعاد وسائر الأحكام الشرعية.
(وهدى) عطف على لنبين (ورحمة لقوم يؤمنون) بالله سبحانه ويصدقون ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب لأنهم هم المنتفعون.
ثم عاد سبحانه إلى تقرير وجوده وتفرده بالإلهية بذكر آياته العظام وبيناته الفخام فقال
(والله أنزل من السماء) أي من السحاب أو من جهة العلو كما مر (ماء) أي نوعاً من أنواع الماء (فأحيا به الأرض بعد موتها) أي أحياها بالنبات والزرع بعد أن كانت يابسة لا حياة بها.
(إن في ذلك) الإنزال والإحياء (لآية) أي علامة دالة ودلالة واضحة على وحدانيته وعلى بعثه للخلق ومجازاتهم (لقوم يسمعون) كلام الله سماع تدبر وإنصاف ويفهمون ما يتضمنه من العبر ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، فالمراد سمع القلوب لا سمع الآذان لأن من لم يسمع بقلبه فكأنه لم يسمع وكأنه أصم.