بالعسل ويستنشق ويتداوى به ذكره القرطبي، وفي الباب آثار عن جماعة من السلف.
وقال البيضاوي: شفاء للناس إما بنفسه كما في الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض إذ قلما يكون معجون إلا والعسل جزء منه، وقيل أن هذا القول خرج مخرج الأغلب وأنه في الأغلب فيه شفاء ولم يقل أنه شفاء لكل الناس ولكل داء لكنه في الجملة دواء، وأن نفعه أكثر من مضرته ومنافعه كثيرة جداً، قال السدي: شفاء للأوجاع التي شفاؤها فيه، وبالجملة فهو من أعظم الأغذية وأنفع الأدوية وقليلاً ما يجتمع هذان الأمران في غيره.
(إن في ذلك) المذكور من أمر النحل (لآية لقوم يتفكرون) أي يعملون أفكارهم عند النظر في صنيع الله سبحانه وعجائب مخلوقاته فإن أمر النحل من أعجبها وأغربها وأدقها وأحكمها، ومن تدبر اختصاص النحل بتلك العلوم الدقيقة والأفعال العجيبة حق التدبر علم قطعاً أنه لا بدّ له من خالق قادر حكيم يلهمها ذلك ويحملها عليه.
ولما ذكر سبحانه بعض أحوال الحيوان وما فيها من عجائب الصنعة الباهرة وخصائص القدرة القاهرة أتبعه بعجائب خلق الإنسان وما فيه من العبر فقال
(والله خلقكم) ولم تكونوا شيئاً (ثم يتوفاكم) عند إنقضاء آجالكم إما صبياناً وإما شباباً وإما كهولاً (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) أي أضعفه وأردأه وأخسه وهو الهرم يقال رذل يرذل رذالة والأرذل والرذالة أردأ الشيء وأخسه وأحقره وأوضعه.
قال النيسابوري: أن العقلاء ضبطوا مراتب عمر الإنسان في أربع: أولها: سن النشوء والنماء وهو من أول العمر إلى بلوغ ثلاث وثلاثين سنة وهو غاية سن الشباب وبلوغ الأشد.
وثانيها: سن الوقوف وهو من ثلاث وثلاثين إلى أربعين سنة وهو غاية القوة وكمال العقل.


الصفحة التالية
Icon