بأنفسهم) من طاعة الله والحالة الجميلة بالحالة القبيحة؛ والمعنى أنه لا يسلب قوماً نعمة أنعم بها عليهم حتى يغيروا الذي بأنفسهم من الخير والأعمال الصالحة، أو يغيروا الفطرة التي فطرهم الله عليها، قيل وليس المراد أنه لا ينزل بأحد من عباده عقوبة حتى يتقدم له ذنب، بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير، كما في الحديث أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سائل فقال: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث (١).
(وإذا أراد الله بقوم سوءاً) أي هلاكاً وعذاباً (فلا مرد) أي فلا راد (له) وقيل المعنى إذا أراد بقوم سوءاً أعمى قلوبهم حتى يختاروا ما فيه البلاء (وما لهم من دونه من وال) يلي أمرهم ويلتجئون إليه فيدفع عنهم ما ينزل بهم من الله سبحانه من العقوبات، أو من ناصر ينصرهم يمنعهم من عذاب الله.
والمعنى أنه لا راد لعذاب الله ولا ناقض لحكمه.
ولما خوف سبحانه عباده بإنزال ما لا مرد له أتبعه بأمور ترجى من بعض الوجوه وتخاف من بعضها، وهي البرق والسحاب والرعد والصاعقة، وقد مر في أول البقرة تفسير هذه الألفاظ وأسبابها فقال
_________
(١) مسلم ٢٨٨٠ - البخاري١٥٨٢.
(هو الذي يريكم البرق) هو لمعان يظهر من خلال السحاب.
وعن علي بن أبي طالب قال: البرق مخاريق من نار بأيدي ملائكة السحاب يزجرون به السحاب. وروي عن جماعة من السلف ما يوافق هذا ويخالفه.
(خوفاً وطمعاً) أي لتخافوا خوفاً ولتطمعوا طمعاً، وقيل النصب على العلة بتقدير إرادة الخوف والطمع أو على الحالية من البرق أو من المخاطبين