وعن ابن عباس قال: الرعد ملك اسمه الرعد وصوته هذا تسبيحه، فإذا اشتد زجره احتك السحاب واضطرم من خوفه فتخرج الصواعق من بينه. وعن أبي عمران الجوني قال: أن بحوراً من نار دون العرش تكون منها الصواعق. وعن السدي قال: الصواعق نار.
وتسبح (الملائكة من خيفته) سبحانه أي هيبته وجلاله، وقيل من خيفة الرعد، وقد ذكر جماعة من المفسرين أن هؤلاء الملائكة هم أعوان الرعد وأن الله سبحانه جعل له أعواناً.
(ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) من خلقه فيهلكه، وسياق هذه الأمور هنا للغرض الذي سيقت له الآيات التي قبلها وهو الدلالة على كمال قدرته، والصواعق جمع صاعقة وهي العذاب النازل من البرق، وقيل هي الصوت الشديد النازل من الجو ثم يكون فيه نار أو عذاب أو موت وهي في ذاتها شيء واحد، وهذه الأشياء تنشأ منها.
قال الكرخي: وأمر الصاعقة عجيب جداً لأنها نار تتولد في السحاب وإذا نزلت من السحاب فربما غاصت في البحر وأحرقت الحيتان. قال محمد ابن علي الباقر: الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر.
(وهم) أي الكفار المخاطبون في قوله، وهو الذي يريكم البرق (يجادلون في) شأن (الله) فينكرون البعث تارة ويستعجلون بالعذاب أخرى ويكذبون الرسل ويعصون الله، وقيل الضمير راجع إلى من وأعاد عليها الضمير جمعاً باعتبار معناها، ثم المجادلة المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، وأصله من جدلت الحبل إذا أحكمت فتله والجملة مستأنفة.
(وهو شديد المحال) أي المماحلة والمكايدة لأعدائه من محل بفلان إذا كاده وعرَّضه للهلاك ومنه تمحَّل إذا تكلف استعمال الحيلة، ولعل أصله المحل بمعنى القحط، والجملة حالية من الجلالة الكريمة ويضعف استئنافها.
قال ابن الأعرابي: المحال المكر والمكر من الله التدبير بالحق، وقال


الصفحة التالية
Icon