ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (١٠٧) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٠٨) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٠٩) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠)
(ذلك) أي الكفر بعد الإيمان أو الوعيد بالغضب والعذاب (بأنهم استحبوا الحياة الدنيا) أي ذلك بسبب تأثيرهم للحياة الدنيا الفانية (على الآخرة) الباقية الدائمة (وأن الله لا يهدي القوم الكافرين) في علمه إلى الإيمان به ولا يعصمهم من الزيغ.
ثم وصفهم بقوله
(أولئك) الموصوفون بما ذكر من الأوصاف القبيحة (الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) فلم يفهموا المواعظ ولا سمعوها ولا أبصروا الآيات التي يستدل بها على الحق، وقد سبق تحقيق الطبع في أول البقرة، ثم أثبت لهم صفة نقص غير الصفة المتقدمة فقال (وأولئك هم الغافلون) عما يراد بهم من العذاب في الآخرة، وضمير الفصل يفيد أنهم متناهون في الغفلة إذ لا غفلة أعظم من غفلتهم هذه.
(لا جرم) قد تقدم تحقيق الكلام في معناها أي حقاً (أنهم في الآخرة هم الخاسرون) أي الكاملون في الخسران البالغون إلى غاية منه ليس فوقها غاية لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم، والوجب لخسرانهم أن الله وصفهم بست صفات تقدمت:
الأولى: أنهم استوجبوا غضب الله.
الثانية: أنهم استحقوا عذابه العظيم.