(ولا تك في ضيق) أي ضيق صدر قرئ بفتح الضاد وكسرها وهما سبعيتان قال ابن السكيت هما سواء، وقال الفراء: الضيق بالفتح ما ضاق عنه صدرك وبالكسر ما يكون في الذي يتسع كالدار والثوب وكذا قال الأخفش: وهو من الكلام المقلوب لأن الضيق وصف للإنسان يكون فيه ولا يكون الإنسان فيه وكأنه أراد وصف الضيق بالعظم حتى صار كالشيء المحيط بالإنسان من جميع جوانبه.
وقال هنا: (تك) بحذف النون ليكون ذلك مبالغة في التسلية وأثبتها في النمل على القياس ولأن الحزن ثم دون الحزن هنا وإلى ذلك أشار في التقرير (مما يمكرون) أي من مكرهم بك فيما يستقبل من الزمان و (ما) مصدرية أو بمعنى الذي.
ثم ختم هذه السورة بآية جامعة لجميع المأمورات والمنهيات فقال
(إن الله مع الذين اتقوا) المعاصي على اختلاف أنواعها، وقيل اتقوا المثلة والزيادة في القصاص وسائر المناهي والعموم أولى وهذه المعية بالعون والفضل والرحمة.
(والذين هم محسنون) بتأدية الطاعات والقيام بما أمروا به منها أو بالعفو عن الجاني، وقيل المعنى محسنون في أصل الانتقام، فيكون الأول إشارة إلى قوله (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) والثاني إشارة إلى قوله (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) وقيل الذين اتقوا إشارة إلى التعظيم لأمر الله والذين هم محسنون إشارة إلى الشفقة على عباد الله تعالى.
وعن الحسن قال؛ اتقوا فيما حرم عليهم وأحسنوا فيما افترض عليهم، والعموم أولى، وقيل لهرم بن حيان عند الموت أَوصِ فقال: إنما الوصية في المال ولا مال لي ولكني أوصيك بخواتيم سورة النحل.


الصفحة التالية
Icon