(ليبلغ فاه) بارتفاعه من البئر إليه ولهذا قال (وما هو) أي الماء (ببالغه) أي ببالغ فيه.
وقيل وما الفم ببالغ الماء إذ كل واحد منهما لا يبلغ الآخر على هذه الحال، وقيل وما باسط كفيه إلى الماء ببالغ الماء ذكره السمين، والأول أولى.
أعلم الله سبحانه أن دعاءهم الأصنام كدعاء العطشان إلى الماء يدعوه إلى بلوغ فمه وما الماء ببالغه، وقيل أنه كباسط كفيه إلى الماء ليقبض عليه فلا يحصل في كفه شيء منه، وقد ضرب العرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلاً بالقبض على الماء، وقال الفراء: أن المراد بالماء هنا ماء البئر لأنها معدن للماء وأنه شبهه بمن مدَّ يديه إلى البئر بغير رشا.
ضرب الله سبحانه هذا مثلاً لمن يدعو غيره من الأصنام، عن عليّ قال: كان الرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه، وعن ابن عباس قال: هذا مثل المشرك الذي عبد مع الله غيره فمثله كمثل الرجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد وهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه.
(وما دعاء الكافرين) أي عبادتهم الأصنام أو حقيقة الدعاء والأول هو الظاهر، والثاني قول ابن عباس: (إلا في ضلال) أي يضل عنهم ذلك الدعاء إذا احتاجوا إليه لأن أصواتهم محجوبة عن الله تعالى فلا يجدون منه شيئاً ولا ينفعهم بوجه من الوجوه بل هو ضائع ذاهب.
(ولله يسجد من في السماوات والأرض) إن كان المراد بالسجود معناه الحقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض للتعظيم مع الخضوع والتذلل فذلك ظاهر في المؤمنين والملائكة ومسلمي الجن، وأما في الكفار فلا يصح تأويل


الصفحة التالية
Icon