مباركاً لأنه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة والوحي، وإليه تحشر الخلق يوم القيامة، فقد بارك الله سبحانه حول المسجد الأقصى ببركات الدنيا والآخرة.
قال السدي: المعنى أنبتنا حوله الشجر وجعل الإسراء إليه كالتوطئة لمعراجه إلى السماء.
ثم ذكر العلة التي أسرى به لأجلها فقال (لنريه من آياتنا) أي ما أراه الله سبحانه في تلك الليلة من العجائب التي من جملتها قطع هذه المسافة الطويلة في جزء من الليل، ومن تبعيضية وإنما أتى بها تعظيماً لآيات الله، فإن الذي رآه ﷺ وإن كان جليلاً عظيماً فهو بعض بالنسبة إلى آيات الله تعالى وعجائب قدرته وجليل حكمته، قاله أبو شامة والرؤية هنا بصرية وقيل قلبية، وإليه نحا ابن عطية.
(إنه) سبحانه (هو السميع) بكل مسموع، ومن جملة ذلك قول رسول الله ﷺ (البصير) بكل مبصر، ومن جملة ذلك ذات رسوله وأفعاله، قيل في هذه الآية أربعة التفاتات، وذلك أنه التفت أولاً من الغيبة في قوله الذي أسرى بعبده إلى التكلم في قوله باركنا حوله.
ثم التفت ثانياً من التكلم في باركنا إلى الغيبة في ليريه على قراءة الحسن بالياء، ثم التفت ثالثاً من هذه الغيبة إلى التكلم في آياتنا، ثم التفت رابعاً من هذا التكلم إلى الغيبة في قوله أنه هو على الصحيح في الضمير (إنه) لله تعالى.
وأما على قول نقله أبو البقاء أن الضمير في أنه هو للنبي ﷺ فلا يجيء ذلك، ويكون في قراءة العامة التفات واحد وفي قراءة الحسن ثلاثة، وهذا موضع غريب، وأكثر ما ورد الالتفات ثلاث مرات على ما قال الزمخشري في قول امرئ القيس:
تطاول ليلك بالإثمد (الأبيات)