واعلم أنه قد أطال كثير من المفسرين كابن كثير والسيوطي وغيرهما في هذا الموضع بذكر الأحاديث الواردة في الإسراء على اختلاف ألفاظها وما يتعلق بها من الأحكام وما قال أهل العلم فيه وما ظهر بعد المعراج من الآيات الدالة على صدقه.
وليس في ذلك كثير فائدة فهي معروفة في مواضعها من كتب الحديث، وهكذا أطالوا بذكر فضائل المسجد الحرام والمسجد الأقصى وهو مبحث آخر، والمقصود في كتب التفسير ما يتعلق بتفسير ألفاظ الكتاب العزيز وذكر أسباب النزول وبيان ما يؤخذ منه من المسائل الشرعية، وما عدا ذلك فهو فضل لا تدعو إليه حاجة.
(وآتينا موسى الكتاب) أي التوراة قيل والمعنى كرمنا محمداً بالمعراج وأكرمنا موسى بالكتاب قال الشهاب: عقبت آية الإسراء بهذا استطراداً بجامع أن موسى أعطي التوراة بمسيره إلى الطور وهو بمنزلة معراجه لأنه منح ثمة التكليم وشرف باسم الكليم والواو استئنافية أو عاطفة على جملة سبحان الذي أسرى لا على أسرى بعبده وتكلفة.
(وجعلناه) أي ذلك الكتاب، وقيل موسى (هدى لبني إسرائيل) يهتدون به (أن لا تتخذوا) قرئ بالتحتية ولا نافية وأن مصدرية ولام التعليل مقدرة وبالفوقية ولا ناهية وأن زائدة والمعنى على الأولى آتيناه الكتاب لهداية بني إسرائيل لئلا يتخذوا وعلى الثانية قلنا لهم لا تتخذوا والأولى أن تكون (أن) مفسرة لأن هذا ليس من مواضع زيادة بل ذلك في نحو ولما أن جاءت رسلنا.
(من دوني وكيلاً) أي كفيلاً بأمورهم قاله الفراء، وروي عنه أنه قال كافياً، وقيل معناه متوكلون عليه في أمورهم، وقيل شريكاً ومعنى الوكيل في اللغة من توكل إليه الأمور.


الصفحة التالية
Icon