(ذرية من حملنا من نوح) نصب على الاختصاص، وبه بدأ الزمخشري أو النداء أي يا ذرية من حملنا مع نوح كونوا كما كان نوح في العبودية والانقياد وفي كثرة الشكر لله تعالى بفعل الطاعات ذكرهم سبحانه إنعامه عليهم في ضمن إنجاء آبائهم من الغرق، وقيل المعنى ولا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلاً كقوله (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً) والمراد بالذرية هنا جميع من في الأرض لأنهم من ذرية من كان في السفينة.
وقيل موسى وقومه وهذا هو المناسب لقراءة النصب على النداء والنصب على الاختصاص والرفع على البدل من فاعل لا تتخذوا أو على الخبر فإنها كلها راجعة إلى بني إسرائيل المذكورين، وأما على جعل النصب على أن ذرية هي المفعول الأول لقوله (لا تتخذوا) فالأولى تفسير الذرية بجميع من في الأرض من بني آدم.
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال: قال رسول الله ﷺ " ذرية من حملنا مع نوح قال ما كان مع نوح إلا أربعة أولاد حام وسام ويافث وكوش فذلك أربعة أولاد انتسلوا هذا الخلف ". (إنه) أي إن نوحاً (كان عبداً شكوراً) وصفه الله بكثرة الشكر في السراء والضراء وذلك أنه كان لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس إلا قال الحمد لله وجعله كالعلة لما قبله إيذاناً بكون الشكر من أعظم أسباب الخير ومن أفضل الطاعات وحثاً لذريته على شكر الله سبحانه.


الصفحة التالية
Icon