والمرة الأولى قتل شعيا وحبس أرميا ومخالفة أحكام التوراة، والثانية قتل يحيى بن زكريا والعزم على قتل عيسى، وقيل الأولى قتل زكريا والثانية قتل يحيى وذكر ابن إسحاق أن بعض العلماء أخبره أن زكريا مات موتاً ولم يقتل.
قال ابن مسعود: أول الفساد قتل زكريا فبعث الله عليهم ملك النبط، ثم
إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط فأصابوا منهم فذلك قوله (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) وعن ابن عباس قال: بعث الله في الأولى جالوت وبعث عليهم في المرة الأخرى بختنصر فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين.
(ولتعلنّ علواً كبيراً) هذه اللام كاللام التي قبلها أي لتستكبرن عن إطاعة الله ولتستعلن على الناس بالظلم والبغي مجاوزين للحد في ذلك وتبغون بغياً عظيماً.
(فإذا جاء وعد) أي وقت وعد (إلَيْهما) أولى المرتين المذكورتين والمراد بالوعد الوعيد والمراد بالوعيد المتوعد به أي حان وقت حلول العقاب الموعود به (بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد) أي قوة في الحروب وبطش عند اللقاء قيل هو بختنصر وجنوده وقيل جالوت وقيل جند من فارس وقيل جند من بابل وقيل هو سنحاريب من أهل نينوى فقتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين ألفاً.
(فجاسوا خلال الديار) أي عاثوا وترددوا يقال جاسوا وهاسوا وداسوا بمعنى ذكره ابن عزيز والقتيبي، قال الزجاج: معناه طافوا هل بقي أحد لم يقتلوه قال: والمجوس طلب الشيء باستقصاء، قال الجوهري: الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار أي تخللوها كما يجوس الرجل للأخبار أي يطلبها وكذا قال أبو عبيدة.
وقال ابن جرير: ومعنى جاسوا طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين