عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (٨) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (١٢)
قال الضحاك: كانت الرحمة التي وعدهم بعث محمد ﷺ (وإن عدتم) إلى المعصية ثالثاً (عدنا) إلى عقوبتكم، قال أهل السير: ثم أنهم عادوا إلى ما لا ينبغي وهو تكذيب محمد ﷺ وكتمان ما ورد من نعته في التوراة والإنجيل فعاد الله إلى عقوبتهم على أيدي العرب، فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء وضرب الجزية على من بقي منهم وضرب الذلة والمسكنة.
وقال قتادة: فعادوا فبعث الله عليهم محمداً ﷺ فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون، وقد اختلفت الروايات في تعيين الواقع منهم في المرتين وفي تعيين من سلطه الله عليهم وفي كيفية الانتقام منهم ولا يتعلق بذلك كثير فائدة.
(وجعلنا جهنم للكافرين) منهم ومن غيرهم (حصيراً) أي سجناً ومحبساً جعل الله مأواهم فيها قاله ابن عباس، والحصير هو المحبس فهو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول، والمعنى أنهم محبوسون في جهنم لا يتخلصون عنها أبداً. قال الجوهري: حصره يحصره حصراً ضيق عليه وأحاط به، ويقال للسجن محصر وحصير، وقيل فراشاً ومهاداً، قاله الحسن، وأراد على هذا بالحصير الحصير الذي يفرشه الناس.