وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (١٧)
(وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) قال أبو عبيدة: الطائر عند العرب الحظ ويقال له البخت فالطائر ما وقع للشخص في الأزل بما هو نصيبه من العقل والفهم والعمل والعمر والرزق والسعادة والشقاوة كان طائراً يطير إليه من وكر الأزل وظلمات عالم الغيب طيراناً لا نهاية له ولا غاية إلى أن انتهى إلى ذلك الشخص في وقته المقدر من غير خلاص ولا مناص.
وقال الأزهري: الأصل في هذا أن الله سبحانه لما خلق آدم علم المطيع من ذريته والعاصي فكتب ما علمه منهم أجمعين وقضى بسعادة من علمه مطيعاً وشقاوة من علمه عاصياً فطار لكل منهم ما هو صائر إليه عند خلقه وإنشائه وذلك قوله (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) أي ما طار له في علم الله، وقيل أن العرب كانوا إذا أرادوا الإقدام على عمل من الأعمال وأرادوا أن يعرفوا أن ذلك العمل يسوقهم إلى خير أو شر اعتبروا أحوال الطير، فلما كثر ذلك منهم سموا نفس الخير والشر بالطائر تسمية للشيء باسم لازمه.
وفي عنقه عبارة عن شدة اللزوم وكمال الارتباط، قال الزجاج: ذكر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة العنق من بين ما يلبس، قال مجاهد: ما من مولود يولد إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد.