الثاني: أن يسعى لها السعي الذي يحق لها.
والثالث: أن يكون مؤمناً وفي الخطيب قال بعض السلف الصالح؛ من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله: إيمان ثابت ونية صادقة وعمل مصيب، وتلا هذه الآية.
ثم بيَّن سبحانه كمال رأفته وشمول رحمته فقال
(كُلاًّ) أي كل واحد من الفريقين، من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة (نمد) أي نزيده من عطائنا على تلاحق من غير انقطاع (هؤلاء وهؤلاء) بدل من المفعول وهو (كُلاًّ) فكأنه قيل نمد هؤلاء وهؤلاء الأول للأول والثاني للثاني فهو لف ونشر مرتب، أي نرزق الكفار والمؤمنين وأهل المعصية وأهل الطاعة، لا نؤثر معصية العاصي في قطع رزقه، وما به الإمداد هو ما عجله لمن يريد الدنيا وما أنعم به في الأولى والأخرى على من يريد الآخرة. وفي قوله (من عطاء ربك) إشارة إلى أن ذلك بمحض التفضل، وهو متعلق بنمد (وما كان عطاء ربك محظوراً) أي ممنوعاً عن أحد، قاله الضحاك.
يقال حظره يحظره حظراً منعه، وكل ما حال بينك وبين شيء فقد حظره عليك، والمراد بالعطاء العطاء في الدنيا كالرزق والجاه إذ لا حظ للكافر في الآخرة.
قال الزجاج: علم الله سبحانه أنه يعطي المسلم والكافر وأنه يرزقهم جميعاً. وقال الحسن: كل يرزقه الله في الدنيا البر والفاجر وقال ابن عباس: يرزق الله من أراد الدنيا ويرزق من أراد الآخرة.
(انظر) يا محمد صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون الخطاب لكل من له أهلية النظر والاعتبار. وهذه الجملة مقررة لما مر من الإمداد وموضحة له، والمعنى انظر (كيف فضلنا) في العطايا العاجلة (بعضهم) أي بعض العباد (على بعض) فمن غني وفقير، وقوي وضعيف، وصحيح ومريض، وعاقل وأحمق، وذلك لحكمة بالغة تقصر العقول عن إدراكها.
(وللآخرة) اللام لام ابتداء أو قسم (أكبر درجات وأكبر تفضيلاً) من