أن التحريف والتغيير قد تطرق إلى القرآن؛ ولو جوَّزنا ذلك لارتفع الأمان على القرآن وذلك يخرجه عن كونه حجة، ولا شك أنه طعن عظيم في الدين.
(أن لا) أي بأن (لا تعبدوا إلا إياه) قاله السيوطي، وقال في الجمل قوله هذا غير سديد حيث أثبت النون بين الهمزة ولا النافية، بقلم الحمرة فيقتضي انها من رسم القرآن مع أنه ليس كذلك، وقد نص في شرح الجزرية أن ما عدا المواضع العشرة يكتب موصولاً أي لا تثبت فيه النون، وقيل أن مفسرة ولا تعبدوا نهي وفيه وجوب عبادة الله والمنع من عبادة غيره؛ وهذا هو الحق.
ثم أردفه بالأمر بين الوالدين فقال (وبالوالدين) أي وقضى بأن تحسنوا بهما أو وأحسنوا بهما (إحساناً) وتبروهما قيل وجه ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد عبادة الله سبحانه إنهما السبب الظاهر في وجود المتولد بينهما وفي جعل الإحسان إلى الأبوين قريناً لتوحيد الله وعبادته من الإعلان بتأكد حقهما والعناية بشأنهما مالا يخفى؛ وهكذا جعل سبحانه في آية أخرى شكرهما مقترناً بشكره فقال (أن أشكر لي ولوالديك).
ثم خص سبحانه حالة الكبر بالذكر لكونها إلى البر من الولد أحوج من غيرها فقال (إما يبلغن) إن شرطية وما زائدة والفعل مبني على الفتح لاتصاله بنون التأكيد الثقيلة (عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) معنى عندك أن يكونا في كنفك وكفالتك وتوحيد الضمير في عندك ولا تقل وما بعدهما للإشعار بأن كل فرد من الأفراد منهى بما فيه النهي ومأمور بما فيه الأمر.
(فلا تقل لهما أف) جواب الشرط قيل والتقييد بهذا الشرط خرج مخرج الغالب من أن الولد إنما يتهاون بوالديه عند الكبر وإلا فلا يختص بالكبيرين، والمعنى لا تقل لواحد منهما في حالتي الاجتماع والانفراد، وليس المراد حالة الاجتماع فقط.