قال ابن عباس: أمره بأحق الحقوق وعلمه كيف يصنع إذا كان عنده وكيف يصنع إذا لم يكن عنده.
(و) آت (المسكين وابن السبيل) حقهما من الزكاة وهذا دليل على أن المراد بما يؤتي ذوي القربى من الحق هو تعهدهم بالمال، وعن سفيان في الآية قال: هو أن يصل ذا القرابة ويطعم المسكين ويحسن إلى ابن السبيل، وعن السدي قال: القربى قربى بني عبد المطلب وقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأقول ليس في السياق ما يفيد هذا التخصيص ولا دل عليه دليل، ومعنى النظم القرآني واضح إن كان الخطاب مع كل من يصلح له من الأمة لأن معناه أمر كل مكلف متمكن من صلة قرابته بأن يعطيهم حقهم وهو الصلة التي أمر الله بها؛ وإن كان الخطاب للنبي ﷺ فإن كان على وجه التعريض لأمته فالأمر فيه كالأول وإن كان خطاباً له من دون تعريض فأمته أسوته فالأمر له ﷺ بإيتاء ذي القربى حقه أمر لكل فرد من أفراد أمته، والظاهر أن هذا الخطاب ليس خاصاً بالنبي ﷺ بدليل ما قبل الآية وهي قوله: (وقضى ربك) وما بعدها وهي قوله:
(ولا تبذر تبذيراً) هو تفريق المال كما يفرق البذر كيفما كان من غير تعمد لمواقعه وهو الإسراف المذموم لمجاوزته للحد المستحسن شرعاً في الإنفاق أو هو الإنفاق في غير الحق وإن كان يسيراً.
قال الشافعي: التبذير إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل الخير، قال القرطبي: وهذا قول الجمهور، قال أشهب عن مالك: التبذير هو أخذ المال من حقه ووضعه في غير حقه وهو الإسراف وهو حرام لقوله:
(إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) فإن هذه الجملة تعليل للنهي عن