أن فتح العراق لم يكن إلا بعد موته صلى الله عليه وسلم.
ثم سلى رسوله والمؤمنين بأن الذي يرهقهم من الإضافة ليس لهوانهم على الله سبحانه ولكن لمشيئة الخالق الرزاق فقال
(إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) أي يوسعه على بعض ويضيقه على بعض لحكمة بالغة، لا يكون من وسع له رزقه مكرماً عنده ومن ضيقه عليه هيناً لديه، ويقدر ويقتر مترادفان. قيل ويجوز أن يراد أن البسط والقبض إنما هما من أمر الله الذي لا تفنى خزائنه فأما عباده فعليهم أن يقتصدوا.
وعن الحسن في الآية قال: ينظر له فإن كان الغنى خيراً له أغناه، وإن كان الفقر خيراً له أفقره. ثم علَّل ما ذكره من البسط للبعض والتضييق على البعض بقوله (إنه كان بعباده خبيراً بصيراً) أي يعلم ما يسرون وما يعلنون لا تخفى عليه خافية من ذلك، فهو الخبير بأحوالهم البصير بكيفية تدبيرهم في أرزاقهم، وفي هذه الآية دليل على أنه المتكفل بأرزاق عباده فلذلك قال بعدها:
(ولا تقتلوا أولادكم) خطاب للموسرين بدليل قوله (خشية إملاق) أي فاقة وفقر يقع بكم يقال أملق الرجل إذا لم يبق له إلا الملقات وهي الحجارة العظام الملس، يقال أملق إذا افتقر وسلب الدهر ما بيده، نهاهم الله سبحانه عن أن يقتلوا أولادهم خشية الفقر، وقد كانوا يفعلون ذلك؛ وقد تقدم في سورة الأنعام نهي المعسرين بقوله (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق).
وفي الكرخي حاصله أن قتل الأولاد إن كان لخوف الفقر فهو من سوء الظن بالله، وإن كان لأجل الغيرة على البنات فهو سعي في تخريب العالم فالأول ضد التعظيم لأمر الله، والثاني ضد الشفقة على خلق الله وكلاهما مذموم.
ثمّ بيّن أن خوفهم من الفقر حتى يبلغوا بسبب ذلك إلى قتل الأولاد لا وجه له فإن الله سبحانه هو الرازق لعباده يرزق الأبناء كما يرزق الآباء فقال (نحن نرزقهم وإياكم) ولستم لهم برازقين حتى تصنعوا بهم هذا الصنع، ثم علل سبحانه النهي عن قتل الأولاد لذلك بقوله (إن قتلهم كان خطأً