الفاعل إذا كان جاراً ومجروراً.
قيل والأولى أن يقال أنه فاعل مسؤول المحذوف والمذكور مفسر له ومعنى سؤال هذه الجوارح أنه يسأل صاحبها عما استعملها فيه لأنها آلات والمستعمل لها هو الروح الإنساني فإن استعملها في الخير استحق الثواب وأن استعملها في الشر استحق العقاب وهو اختيار الزمخشري، وقيل أن الله سبحانه يُنطق الأعضاء هذه عند سؤالها فتخبر عما فعله صاحبها وعليه جرى القاضي فتسأل توبيخاً لأصحابها وهذا أبلغ مما قبله. وفي الآية دليل على أن العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية.
(ولا تمش في الأرض مرحاً) قيل وهو شدة الفرح، وقيل التكبر في المشي وقيل تجاوز الإنسان قدره وقيل الخيلاء في المشي، وقيل البطر والأشر؛ وقيل النشاط والظاهر أن المراد به الخيلاء والفخر، قال الزجاج في تفسير الآية: لا تمش في الأرض مختالاً فخوراً، وذكر الأرض مع أن المشي لا يكون إلا عليها أو على ما هو معتمد عليها تأكيداً وتقريراً ولقد أحسن من قال:

ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعاً فكم تحتها قوم هم منك أرفع
وإن كنت في عز وحرز ومنعة فكم مات من قوم هم منك أمنع
والمرح مصدر وقع حالاً أي ذا مرح أي مارحاً متلبساً بالكبر والخيلاء وفي وضع المصدر موضع الصفة نوع تأكيد وقرئ مرحاً بفتح الراء ومرحاً بكسرها على أنه اسم فاعل.
ثم علل سبحانه هذا النهي فقال (إنك لن تخرق الأرض) يقال خرق الثوب أي شقه وخرق الأرض قطعها، والخرق الواسع من الأرض، والمعنى إنك لن تخرق الأرض بمشيك عليها تكبراً حتى تبلغ آخرها، وفيه تهكم بالمختال المتكبر، وقيل المراد بخرق الأرض نقبها لا قطعها بالمسافة، وقال الأزهري: خرقها قطعها قال النحاس: وهذا بين كأنه مأخوذٌ من الخرق وهو الفتحة الواسعة، ويقال فلان أخرق من فلان أي أكثر سفراً.


الصفحة التالية
Icon