جواب لمقالة المشركين وجزاء للو (إلى ذي العرش) هو الله سبحانه (سبيلاً) طريقاً للمغالبة والمقاتلة والممانعة ليزيلوا ملكه كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض من المقاتلة والمصاولة عند تعددهم.
وقيل معناه إذاً لابتغت الآلهة إلى الله القربة والزلفة عنده لأنهم دونه والمشركون إنما اعتقدوا أنها تقربهم إلى الله، والظاهر المعنى الأول، ومثله معنى قوله تعالى (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وحاصل الدليل أنه قياس استثنائي يستثنى فيه نقيض التالي لينتج نقيض المقدم، وحذف منه كل من الاستثنائية والنتيجة والتقدير لكنهم لم يطلبوا طريقاً لقتاله فلم يكن. هناك تعدد.
ثم نزه تعالى نفسه فقال
(سبحانه) والتسبيح التنزيه وقد تقدم مراراً (وتعالى) أي تباعد (عما يقولون) من الأقوال الشنيعة والفرية العظيمة (علواً) أي تعالياً ولكنه وضع العلو موضع التعالي، كقوله والله أنبتكم من الأرض نباتاً (كبيراً) وصف العلو بالكبير مبالغة في النزاهة وتنبيهاً على أن بين الواجب لذاته والممكن لذاته وبين الغنى الطلق والفقير المطلق مباينة لا يعقل الزيادة عليها.
ثم بين سبحانه جلالة ملكه وعظمة سلطانه فقال:
(تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن) قال فيهن بضمير العقلاء لإسناده إليها التسبيح الذي هو فعل العقلاء، وقد أخبر سبحانه عن السماوات والأرض بأنها تسبحه، وكذلك من فيها من مخلوقاته الذين لهم عقول وهم الملائكة من الإنس والجن وغيرهم من الأشياء التي لا تعقل.
ففيه دلالة على أن الأكوان بأسرها دالة شاهدة بتلك النزاهة، ولكن المشركين لا يفهمون تسبيحها، فالقصد من هذا توبيخهم وتقريعهم على اتباعهم الشركاء لله مع أن كل شيء ممن عداهم ينزهه عن كل نقص.