وهذا يقتضي أن تسبيح الجماد بلسان المقال وهو الذي اختاره الخازن وأثبته بأحاديث متعددة، قال في الجمل وهو قريب جداً، ويؤيد هذا قوله سبحانه (ولكن لا تفقهون) بالتاء والياء (تسبيحهم) فإنه لو كان المراد تسبيح الدلالة لكان أمراً مفهوماً لكل أحد.
وأجيب بأن المراد بقوله (لا تفقهون) الكفار الذين يعرضون عن الاعتبار وقالت طائفة: هذا العموم مخصوص بالملائكة والثقلين دون الجمادات، وقيل خاص بالأجسام النامية فيدخل النباتات، كما روى هذا القول عن عكرمة والحسن وخص تسبيح النباتات بوقت نموها لا بعد قطعها.
وقد استدل لذلك بحديث أن رسول الله ﷺ مر على قبرين وفيه " ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين وقال أنه يخفف عنهما ما لم ييبسا " (١) ويؤيد حمل الآية على العموم قوله (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشيّ والإشراق) وقوله (وإن منها لما يهبط من خشية الله) وقوله (وتخر الجبال هداً) ونحو ذلك من الآيات.
وثبت في الصحيح أنهم كانوا يسمعون تسبيح الطعام وهم يأكلون مع رسول الله ﷺ (٢). وهكذا حديث حنين الجذع، وحديث أن حجراً بمكة كان يسلم جذملى النبي صلى الله عليه وسلم، وكلها في الصحيح.
ومن ذلك تسبيح الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم، ومدافعة عموم هذه الآية بمجرد الاستبعادات، ليس دأب من يؤمن بالله سبحانه ويؤمن بما جاء من عنده.
قال السدي: ما اصطيد حوت في البحر ولا طائر يطير إلا بما يضيع من تسبيح الله تعالى.
_________
(١) مسلم ٢٩٢ البخاري ١٦٤.
(٢) البخاري كتاب المناقب باب ٢٥ - الإمام أحمد ١/ ٤٦٠.


الصفحة التالية
Icon