فكأن الله تعالى يحجبه ببركة هذه الآيات عن عيون المشركين. ذكره الخطيب.
وفي القرطبي (قلت) ويزاد إلى هذه الآيات أول سورة يس إلى قوله (فهم لا يبصرون) فإن في السيرة في هجرة النبي ﷺ ومقام عليّ في فراشه قال: وخرج رسول الله ﷺ فأخذ حفنة من تراب في يده وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات من يس حتى فرغ ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن ينصرف.
(وجعلنا على قلوبهم أكنة) جمع كنان وهي الأغطية وقد تقدم تفسيره في الأنعام وقيل هو حكاية لما كانوا يقولونه من قولهم قلوبنا غلف وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب (أن يفقهوه) أي كراهة أن يفقهوه أو لئلا يفقهوه أي يفهموا ما فيه من الأوامر والنواهي والحكم والمعاني.
(وجعلنا في آذانهم وقراً) أي صمماً وثقلاً كراهة أن يسمعوه أو لئلا يسمعوه ومن قبائح المشركين أنهم كانوا يحبون أن يذكر آلهتهم كما يذكر الله سبحانه فإذا سمعوا ذكر الله دون ذكر آلهتهم نفروا عن المجلس كما قال تعالى:
(وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده) يقال وحد يحد وحداً وحدة نحو وعد يعد وعداً وعدة فهو مصدر سد مسد الحال أصله يحد وحده بمعنى واحداً، وقال يونس منصوب على الظرف.
(ولوا على أدبارهم نفوراً) هو مصدر بمعنى التولية والتقدير هربوا نفوراً أو نفروا نفوراً، وقيل جمع نافر كقاعد وقعود قاله البيضاوي والشهاب والأول أولى، وقيل المصدر في موضع الحال والمعنى ولوا نافرين، قال ابن عباس: ولوا نفور الشياطين.
(نحن أعلم بما) أي بالحال الذي (يستمعون) القرآن (به) أي متلبسين به من اللغو والاستخفاف والهزء بك وبالقرآن، وقيل الباء للسببية أو


الصفحة التالية
Icon