عاقبتهم مغيبة عنا وهذا كقوله سبحانه (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) وقوله (فقولا له قولاً ليناً) لأن المخاشنة لهم ربما تنفرهم عن الإجابة أو تؤدي إلى ما قال سبحانه (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم) وهذا كان قبل نزول آية السيف.
وقيل المعنى قل لهم يأمروا بما أمر الله به وينهوا عما نهى الله عنه، وقيل هذه الآية للمؤمنين فيما بينهم خاصة والأول أولى كما يشهد له السبب. قال ابن سيرين: يعني لا إله إلا الله. وعن ابن جريج في الآية قال: يعفون عن السيئة وعن الحسن قال: يقول له يرحمك الله، يغفر الله لك.
(إن الشيطان ينزغ بينهم) بالفساد وإلقاء العداوة والإغراء، فلعل المخاشنة معهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد، قال اليزيدي: نزغ بيننا أي أفسد. وقال غيره: النزغ الإغراء، قال قتادة: نزغ الشيطان تحريشه، وفي القاموس نزغه كمنعه طعن فيه واغتابه وبينهم أفسد وأغوى ووسوس.
(إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً) أي متظاهراً بالعداوة ومكاشفاً بها وهو تعليل لما قبله، وقد تقدم مثل هذا في البقرة.
(ربكم أعلم بكم) أي بعاقبة أمركم كما يدل عليه قوله (إن يشأ يرحمكم أو أن يشأ يعذبكم) قيل هذا خطاب للمشركين، والمعنى أن يشأ يوفقكم للإسلام فيرحمكم أو يميتكم على الشرك فيعذبكم، وقيل هو خطاب للمؤمنين، أي إن يشأ يرحمكم بأن يحفظكم من الكفار أو يرحمكم بالتوبة والإيمان، وإن يشأ يعذبكم بتسليطهم عليكم، وقيل أن هذا تفسير للكلمة التي هي أحسن.
(وما أرسلناك عليهم وكيلاً) أي ما وكلناك في منعهم من الكفر وقسرهم على الإيمان، وقيل ما جعلناك كفيلاً لهم تؤخذ بهم، قيل نسختها آية القتال.