وقرأ ابن مسعود بالفوقية على الخطاب ولا خلاف في (يبتغون) أنه بالتحتية والضمير في (إلى ربهم) يعود إلى العابدين أو المعبودين (الوسيلة) هي القربة بالطاعة والعبادة أي يتضرعون إلى الله في طلب ما يقربهم إلى ربهم.
أخرج الترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ " سلوا الله لي الوسيلة "، قالوا: وما الوسيلة؟ قال: " القرب من الله ثم قرأ هذه الآية " (١).
(أيهم أقرب) بالوسيلة إلى الله قاله الزجاج أي يتقرب إليه بالعمل الصالح أو يبتغي من هو أقرب إليه تعالى الوسيلة فكيف بمن دونه، وقيل أن يبتغون مضمن معنى يحرصون أي يحرصون أيهم أقرب إليه سبحانه بالطاعة والعبادة.
(ويرجون رحمته) كما يرجوها غيرهم (ويخافون عذابه) كما يخافه غيرهم فكيف يزعمون أنهم آلهة لأن الإله يكون غنياً بالغنى المطلق (إن عذاب ربك كان محذوراً) تعليل لقوله يخافون أي أن عذابه سبحانه حقيق بأن يحذره العباد من الملائكة والأنبياء وغيرهم.
ثم بينَّ سبحانه مآل الدنيا وأهلها فقال
_________
(١) الترمذي كتاب المناقب باب ١ - الإمام أحمد ٢/ ٢٦٥.
(وإن) نافية للاستغراق (من) أي ما من (قرية) أي قرية كانت من قرى الكفار (إلا نحن مهلكوها) قال الزجاج: أي ما من أهل قرية إلا سيهلكون إما بموت أو خراب وإما بعذاب يستأصلهم وإنما قال (قبل يوم القيامة) لأن إهلاك يوم القيامة ليس بمختص بالقرى الكافرة بل يعم كل قرية لانقضاء عمر الدنيا (أو معذبوها عذاباً شديداً) بالقتل وأنواع العقاب إذا كفروا وعصوا.
وقيل الإهلاك للصالحة والتعذيب للطالحة والأول أولى لقوله تعالى (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) قال ابن مسعود: إذا ظهر الزنا والربا