وقيل المراد الشفاعة وهي نوع واحد مما يتناوله، يعني لفظ المقام. والفرق بين العموم البدلي والعموم الشمولي معروف فلا نطيل بذكره.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والبيهقي وغيرهم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسئل عنه، يعني المقام، فقال " هو المقام المحمود الذي أشفع فيه لأمتي ". (١) وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن كعب بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: " يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود " (٢) والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً ثابتة في الصحيحين وغيرهما فلا نطيل بذكرها، ومن رام الاستيفاء نظر في أحاديث الشفاعة في الأمهات وغيرها.
_________
(١) الإمام أحمد ٢/ ٤٤١ - ٢/ ٥٢٨.
(٢) المستدرك كتاب التفسير ٢/ ٣٦٣.
(وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) قرئ بضم الميمين وبفتحهما وهما مصدران بمعنى الإدخال والإخراج فهما كالمجرى والمرسى والإضافة إلى الصدق لأجل المبالغة نحو حاتم الجواد، أي إدخالاً يستأهل أن يسمى إدخالاً ولا يرى فيه ما يكره. وقال الواحدي: إضافتهما إلى الصدق مدح لهما وكل شيء أضفته إلى الصدق فهو مدح.
وقد اختلف المفسرون في معنى الآية، فقيل نزلت حين أمر ﷺ بالهجرة يريد إدخال المدينة والإخراج من مكة، واختاره ابن جرير، وهذا يقتضي أن الآية مكيّة مع أنها آخر الثمان المدنيات، لكن البيضاوي مشى على أن السورة كلها مكيّة. وحكى الاستثناء الذي ذكره الجلال بقيل، وعليه فلا إشكال ومن المعلوم أن إدخاله المدينة بعد إخراجه من مكة وإنما قدمه عليه إهتماماً بشأنه ولأنه هو المقصود.


الصفحة التالية
Icon