ويجوز أن يكون الأمر بالعكس فيكون من التخصيص بعد التعميم على أن يراد بالعهد جميع عهود الله، وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عباده على ألسنة الرسل في الكتب الإلهية ويدخل في ذلك الالتزامات التي يلزم بها العبد نفسه ويراد بالميثاق ما أخذه الله على عباده حين أخرجهم من صلب آدم في عالم الذر المذكور في قوله سبحانه (وإذ أخذ ربك من بني آدم) الآية بأن يؤمنوا إذا وجدوا في الخارج ولا يكفروا، قال قتادة: أن الله ذكر الوفاء بالعهد والميثاق في بضع وعشرين آية من القرآن.
(والذين يصلون ما أمر به أن يوصل) ظاهره شمول كل ما أمر الله بصلته ونهى عن قطعه من حقوق الله وحقوق عباده، ومنه الإيمان بجميع الكتب والرسل ولا يفرق بين أحد منهم، ويدخل تحت ذلك صلة الأرحام دخولاً أولياً ويدخل فيه وصل قرابة رسول الله ﷺ ووصل قرابة المؤمنين الثابتة بسبب الإيمان (إنما المؤمنون إخوة) بالإحسان إليهم على حسب الطاقة ونصرتهم والذب عنهم والشفقة عليهم وإفشاء السلام وعيادة المرضى.
ومنه مراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر إلى غير ذلك وقد قصره كثير من المفسرين على صلة الرحم، واللفظ أوسع من ذلك.
أخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن البر والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة " ثم تلا رسول الله ﷺ والذين يصلون ما أمر الله -إلى- ويخافون سوء الحساب وقد ورد في صلة الرحم وتحريم قطعها أحاديث كثيرة.
(ويخشون ربهم) خشية تحملهم على فعل ما وجب واجتناب ما لا يحل والخشية خوف يشوبه تعظيم وإجلال، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه (ويخافون سوء الحساب) وهو الإستقصاء فيه والمناقشة للعبد، فمن نوقش


الصفحة التالية
Icon