وإمارات النبوة وتمكنوا من التمييز بين المحق والمبطل ورأوا نعتك وصفة ما أنزل إليك في تلك الكتب كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وأبي ذر.
وقيل الضمير في قوله من قبله راجع إلى النبي ﷺ والأولى ما ذكرناه من رجوعه إلى القرآن لدلالة السياق على ذلك.
(إذا يتلى عليهم) القرآن (يخرون للأذقان سجداً) أي يسقطون على وجوههم ساجدين لله سبحانه، وإنما قيد الخرور وهو السقوط بكونه للأذقان أي عليها لأن الذقن وهو مجتمع اللحيين أول ما يحاذي الأرض، قال الزجاج: لأن الذقن مجتمع اللحيين، وكما يبتدئ الإنسان بالخرور للسجود فأول ما يحاذي الأرض به من وجهه الذقن.
وقيل المراد تعفير اللحية بالتراب فإن ذلك غاية الخضوع وإيثار اللام في للأذقان على (على) للدلالة على الاختصاص فكأنهم خصوا أذقانهم بالخرور. وفي هذا تسلية لرسول الله ﷺ وحاصلها أنه إن لم يؤمن به هؤلاء الجهال الذين لا علم عندهم ولا معرفة بكتب الله ولا بأنبيائه فلا تبال بذلك فقد آمن به أهل العلم وخشعوا له وخضعوا له عند تلاوته عليهم خضوعاً ظهر أثره البالغ بكونهم يخرون على أذقانهم سجداً لله.
(ويقولون) في سجودهم (سبحان ربنا) أي تنزيهاً لربنا عما يقوله الجاهلون من التكذيب أو تنزيهاً له عن خلف وعده (إن كان وعد ربنا لمفعولاً) إن هذه هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة
(ويخرون للأذقان يبكون) كرر ذلك الخرور للأذقان لاختلاف السبب فإن الأول لتعظيم الله سبحانه وتنزيهه وللسجود والثاني للبكاء بتأثير مواعظ القرآن في قلوبهم ومزيد خشوعهم ولهذا قال (ويزيدهم) أي سماع القرآن أو القرآن بسماعهم له أو البكاء أو السجود أو المتلو لدلالة قوله إذا يتلى (خشوعاً) أي لين قلب ورطوبة عين فالبكاء مستحب عند قراءة القرآن.