لنفي الخشية والخوف عنهم وما بعدهما من الأوصاف المتقدمة لدخولها في النقض والقطع (ويفسدون في الأرض) بالكفر وارتكاب المعاصي والإضرار بالأنفس والأموال.
(أولئك) الموصوفون بهذه الصفات الذميمة (لهم) بسبب ذلك (اللعنة) أي الطرد والإبعاد من رحمة الله سبحانه (ولهم سوء الدار) أي سوء عاقبة دار الدنيا وهي النار أو عذاب جهنم فإنها دارهم.
(الله يبسط الرزق) أي يوسعه (لمن يشاء) أي لمن كان كافراً استدراجاً (ويقدر) أي ويقتره على من كان مؤمناً إبتلاء وامتحاناً وتكفيراً لذنوبه ولا يدل البسط على الكرامة، ولا القبض على الإهانة، ومعنى يقدر يضيق، ومنه ومن قدر عليه رزقه، أي ضيق، وقيل معنى يقدر يعطي بقدر الكفاية، وقرأ السبعة يقدر بكسر الدال وهو أفصح، واستعمل بالضم أيضاً على ما في المصباح، ومعنى الآية إنه الفاعل لذلك وحده القادر عليه دون غيره.
(وفرحوا) أي مشركو مكة (بالحياة الدنيا) فرح بطر لا فرح سرور والفرح لذة تحصل في القلب عند حصول المشتهى وجهلوا ما عند الله، والجملة مستأنفة لبيان قبح أفعالهم مع ما وسعه عليهم، وفيه دليل على أن الفرح بالدنيا والركون إليها حرام.
قيل وفي هذه الآية تقديم وتأخير، والتقدير ويفسدون في الأرض وفرحوا بالحياة الدنيا، والأولى أولى لأنه ماض وما قبله مستقبل، وقيل العطف على ينقضون ولا يصح لأنه يستلزم تخلل الفاصل بين أبعاض الصلة.
(وما الحياة الدنيا في الآخرة) أي بالنسبة إليها وفي جنبها ففي هنا