(قل إن الله يضل من يشاء) أمره الله سبحانه أن يجيب عليهم بهذا وهو أن الضلال بمشيئة الله سبحانه من شاء أن يضله كما ضل هؤلاء القائلون (لولا أنزل عليه آية من ربه) ولا ينفعه نزول الآيات وكثرة المعجزات إن لم يهده الله عز وجل وإن أنزلت كل آية فإن ذلك في أقصى مراتب المكابرة والعناد وشدة الشكيمة والغلو في الفساد فلا سبيل له إلى الاهتداء.
(ويهدي إليه) أي إلى الحق أو إلى الإسلام أو إلى جنابه عز وجل (من أناب) أي رجع إلى الله بالتوبة والاقلاع عما كان عليه، وأصل الإنابة الدخول في نوبة الخير. كذا قال النيسابوري.
(الذين آمنوا) منصوب على البدل من أناب، والمعنى أنهم هم الذين هداهم الله وأنابوا إليه: أو خبر مبتدأ محذوف، أي هم الذين آمنوا (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) أي تسكن عن القلق والاضطراب وتستأنس بذكره سبحانه بألسنتهم كتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتكبير والتوحيد أو بسماع ذلك من غيرهم عبر بالمضارع لأن الطمأنينة تتجدد بعد الإيمان حيناً بعد حين، قاله الشهاب. وقال الكرخي المضارع قد لا يلاحظ فيه زمان معين من حال أو استقبال فيدل إذ ذاك على الاستمرار ومنه الآية أهـ.
قال في الجمل: وهذا ينفع في مواضع كثيرة وقد سمى الله سبحانه القرآن ذكراً قال (وهذا ذكر مبارك أنزلناه) وقال (إنا نحن نزلنا الذكر).
قال الزجاج: أي إذا ذكر الله وحده آمنوا به غير شاكين بخلاف من وصف بقوله (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة).
وقيل الذكر هنا الطاعة وقيل بوعد الله وقيل بالحلف بالله فإذا حلف


الصفحة التالية
Icon