جرت نكرة ومن ثم جعلها بعضهم للبدل وقال ليست بزائدة ولا تبعيضية أي لتكون المغفرة بدلاً من عقوبة الذنوب، ويحتمل أن يضمن يغفر معنى يخلص أي يخلصكم من ذنوبكم ويكون مقتضاه غفران جميع الذنوب وهو أولى من دعوى زيادته (ويؤخركم) بلا عذاب (إلى أجل) أي وقت (مسمى) عنده سبحانه وهو الموت فلا يعذبكم في الدنيا.
(قالوا إن) أي ما (أنتم إلا بشر مثلنا) في الهيئة والصورة، تأكلون وتشربون كما نأكل ونشرب، فلا فضل لكم علينا ولستم ملائكة (تريدون أن تصدونا) وصفوهم بالبشر أولاً ثم بإرادة الصدّ لهم (عما كان يعبد آباؤنا) أي آباؤهم ثانياً أي تريدون أن تصرفونا عن معبودات آبائنا من الأصنام ونحوها (فأتونا) إن كنتم صادقين بأنكم مرسلون من عند الله (بسلطان مبين) أي حجة ظاهرة واضحة تدل على صحة ما تدعونه من المزية أو النبوة وقد جاؤوهم بالسلطان المبين والحجة الظاهرة ولكن هذا نوع من تعنتاتهم ولون من تلوناتهم.
(قالت لهم رسلهم) مسلمين مشاركتهم في الجنس (إن نحن إلا بشر مثلكم) أي في الصورة والهيئة كما قلتم لا ننكر ذلك (ولكن الله يمن) ويتفضل (على من يشاء من عباده) بالنبوة والرسالة، وقيل بالتوفيق والهداية جعلوا الموجب لاختصاصهم بالنبوة فضل الله تعالى وفيه دليل على أن النبوة أمر وهبي لا كسبي كما يزعمه المتفلسفة والحكماء.
(وما كان) أي ما صح (لنا) ولا استقام (أن نأتيكم بسلطان) أي بحجة من الحجج، وقيل المراد بالسلطان هنا هو ما يطلبه الكفار من الآيات على سبيل التعنت، وقيل أعم من ذلك فإن ما شاء الله كان وما لم يشأه لم يكن (إلا بإذن الله) أي بمشيئته وإرادته وليس ذلك في قدرتنا، وقيل بأمره لنا بالإتيان أي إذنه لنا فيه والأول أولى.
(وعلى الله) وحده (فليتوكل المؤمنون) في دفع شرور أعدائهم عنهم وفي


الصفحة التالية
Icon